الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا وقت لإبرام اتفاق نووي مع باكستان

25 أكتوبر 2015 23:33
فجّر المقال الذي نشره «ديفيد أجناتيوس» في صحيفة «واشنطن بوست» (6 أكتوبر الجاري) قصة أن عدداً من كبار صناع السياسة في الولايات المتحدة كانوا يناقشون إبرام اتفاق نووي مع نظرائهم الباكستانيين، ومنذ ذلك الحين، حظيت الفكرة باهتمام في باكستان أكبر بكثير منه في واشنطن. لكن مع وصول رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلى واشنطن هذا الأسبوع، فإن القصة ستحدث ضجة في العاصمة الأميركية أيضاً.. وخلاصة القول إن «اتفاقاً» من النوع الذي تتم مناقشته مع باكستان هو أقل مما يبدو، ويأتي في توقيت سيئ وقد يأتي بنتائج عكسية على المدى القريب. وعموماً فإن إبرام اتفاق نووي مع باكستان ليس بفكرة سيئة، فبرنامج باكستان النووي هو ما يجعل هذه الدولة المضطربة تثبت أمام حفنة صغيرة من التحديات السياسية التي تكاد تكون مستحيلة والتي تجعل واضعي السياسات ومحللي الاستخبارات يشعرون بالقلق حتى عندما تزدحم عناوين الصحف بقضايا مثل روسيا و«داعش».. إن الدبلوماسيين الأميركيين المبدعين محقون في محاولة اكتشاف خيارات التأمين والحد من التوسع في ترسانة باكستان النووية. ويشير اقتراح تقدم به حديثاً علماء بإحدى المؤسسات البحثية في كاليفورنيا إلى «تطبيع» نووي مع باكستان بموجب المنطق الكامن في الصفقة قيد المناقشة. وهم يقولون إنه يجب على قادة باكستان إدراك أن ترسانتهم النووية هي بالفعل كبيرة بما يكفي لردع الهند، وأنه بما أن الردع كان دائماً هدف باكستان، فقد حان الوقت لإبطاء البرنامج المكلف طوعاً وإعادة النظر في مشاركة باكستان في العديد من الاتفاقات الدولية لمراقبة الأسلحة، بما في ذلك معاهدة وقف إنتاج المواد الانشطارية ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب. ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات، فإن واضعي التقرير يرون أن الولايات المتحدة وبقية العالم أكثر عرضة للتعاطف مع رغبة باكستان العميقة في إدماجها ضمن النظام النووي الدولي، كما كان الحال مع الهند. ولأن جميع المحللين الأميركيين تقريباً يخشون أن تكون باكستان والهند في سبيلهما لمنافسة نووية متصاعدة قد تأخذ سبيلها إلى البحر قريباً في شكل غواصات مسلحة نووياً، فإن إطلاق سباق تسلح نووي في جنوب آسيا سيكون إنجازاً كبيراً. بيد أن اتفاقاً نووياً من هذا النوع يواجه مشاكل كبيرة. أولا، بغض النظر عما تفعله باكستان للحد من برنامجها طوعاً، فإن هناك فرصة كبيرة لأن تواصل الهند الحشد العسكري الخاص بها. وتتنافس نيودلهي ليس فقط مع إسلام آباد، بل أيضاً مع بكين. وأي اتفاق عسكري بحجم معين للتعامل مع باكستان بمفردها سيكون غير كافٍ لمحاربة الصين، في حين أن أي برنامج بحجم معين للتعامل مع الصين سيشكل تهديداً لباكستان. ثانياً: في حالة ترحيب صناع السياسة الباكستانيين، وهو أمر مستبعد، بالاتفاق النووي، فإنه لن يفعل شيئاً يذكر لمعالجة مخاوف واشنطن الأكثر إلحاحاً بشأن ترسانة باكستان النووية، والتي لا تزال تشكل تهديداً خطيراً، جرّاء السرقات من الداخل، والانتشار المتصاعد، والحوادث أو التخريب أو الانتشار غير المصرح به. والأسوأ من ذلك، أن النقاش النووي يلفت الانتباه إلى الأسباب الكامنة وراء القلق الأميركي من باكستان، وأكبر العثرات التي تواجه إبرام شراكة فعالة بينها وبين الولايات المتحدة، ويمكن أن تكون مقارنة الاتفاق الأميركي الإيراني مفيدة. فقد أشار نقاد هذا الاتفاق إلى أنه لا يفعل شيئاً لعلاج السلوك السيئ لطهران، مثل حبس الصحفيين ورعاية الإرهابيين. بيد أن الحاجة الملحة للإبقاء على إيران خارج نادي الأسلحة النووية وفرت منطقاً معقولا لإبرام الاتفاق، لكن نفس الشيء لا يمكن قوله بالنسبة للاتفاق النووي مع باكستان، فباكستان هي بالفعل دولة تمتلك أسلحة نووية، ومن شأن صفقة ناجحة أن تصدق على هذا الشرط، لكن معالجة السلوك السيئ لباكستان على جبهات أخرى هو الشرط الأكثر إلحاحاً. ومن المؤكد أن باكستان ليست عدواً معلناً لأميركا، مثل إيران، لكن وزارة الخارجية الأميركية لا يمكن أن تشهد بأن جيش باكستان استهدف شبكة حقاني للمتشددين الذين هاجموا بضراوة الأميركيين والأفغان والهنود وشركاء التحالف في أفغانستان. والوضع الحالي لباكستان يثير تساؤلات جوهرية بشأن علاقتها طويلة الأمد مع الولايات المتحدة. فلا يزال اقتصاد باكستان الهش يعتمد على الدعم الخارجي، وأداؤه ضعيف بالنسبة لاحتياجات الشعب الذي ينمو سريعاً والذي علق مستقبله على خطة إنقاذ ضخمة من الصين. تلك هي القضايا التي يجب أن تشغل اهتمام صناع السياسة الأميركيين الذين يتعاملون مع باكستان، وليس هناك وقت لإبرام اتفاق نووي. دانيال ماكري* *باحث بارز بمعهد جونز هوبكنز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تيربيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©