الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صمت حائر...!

24 أكتوبر 2015 22:22
في خضمِّ الحياة العملية والمهنية وضجيج الأعمال التراكمية والأحلام المستقبلية تلحُّ عليك حيرتك، فتقتطع من وقتك لحظات صمت للتأمل قبل أن تشدك دوامة الانشغالات من جديد. هنا تقف حائراً...! ما إن يختار المرء طريقه ويعقد نيَّة الوصول حتى تتسارع الخطوات وينطوي الزمن ويحتويه الطموح ليجد نفسه أسير شغفه بالتميز، رغم أن الجهد قليل والعزم ? يلين والمؤمنون برسالتك قليلون، وطموحاتك تنهمر من فيض، تبقى رهين محدودية ممكناتك الصحية والزمنية وتبقي الفجوة الأبدية بين (الرغبة) و(القدرة)، غايتك رفيعة ورسالتك نبيلة تحتاج لفرسان ديدنهم التميز، يسيرون على نهج الإتقان ويمتطون صهوة الإبداع ولا يعرفون كلمة مستحيل. تقف هنا حائراً...! ما إن تقع في غرام التميز وتنهل من معينه وترتوي من نبعه العذب الرقراق، حتى تصبح حرفتك السعي نحو الإتقان وقيادة الركب نحو الإحسان باحتساب وبذلُ، سعياً للوصول بالآخرين إلى مرافئ السعادة، برغم أن الكثيرين، القشور لديهم أقوى من الجذور، وغذاء البطون مقدم على العقول، ولكن لا يزال الخير قائماً لأن السنّة الكونية تقتضي أن الخيرية تتربع في ضمائر القليل من البشر، والمنشغلون بغايات دنيوية بحتة كثيرٌ ما هم...! تقف هنا حائراً...! تتأمل شمس الغياب، وتبصر عمرك تتسارع أيامه وتتلاحق عقوده بين الحل والترحال والحضور والغياب حاملاً على عاتقك رسالة أرضية غايتها سماوية. إذاً لا تبتئس ولا تيأس، فإنك تسير على الدرب، تعبر الجسر إلى دار المقر بأمان، واحمد الله أن منحك ضوء الشمس بعد عتمة الليل وإن طالت، ليحكي لك قصة الوصول بعد جهد المسير. تقف هنا حائراً...! تسأل نفسك والشعور بالغربة يتملكك: ما الذي تغَّير؟ ما زال العالم في اقتتال واحتدام...! ليس عن غربة الأوطان، لكن عن غربة القيم والأخلاق نتحدث، فحاملو مشاعل التنوير محاصرون، ومدّعو العلم كغثاء السيل يصولون ويجولون، والكل عبر الفضائيات مبدعون متألقون، وفي الميادين غائبون متخاذلون. حقاً إن رجل الميدان عملة نادرة في هذا الزمان، بقدر جهده الدؤوب يؤتى الحسنى في الدارين منتهاها الفردوس الأعلى والفوز بلذة النظر لخالقه جل في علاه، وهل بعد هذا يكدِّرك متخاذلٌ معتلي المنابر معسول اللسان وقلبه هواء؟! تقف هنا حائراً...! تتساءل ألسنا خير أمة وحملة خير رسالة وبعث فينا خير نبي؟ لمَ هذه التناقضات بين المظهر والجوهر؟ وملامح للخيرية تبدو على محيا القليل منا؟ فتستوقفك كلمات الدكتور مصطفى محمود -رحمه الله-: «سألت نفسي وأنا أطوف بالكعبة ما بال المسلمين يطوفون الآن في خشوع وتبتل، فإذا خرجوا تفرقوا وانقسموا ،وأصبح كل منهم يطوف حول نفسه أو حول اسمه أو حول شيطانه، أهي أدوار يمثلونها لبضع دقائق ثم يذهب كل منهم بعد ذلك إلى حال سبيله، أيكون طوافهم طوافاً ونسكاً دينياً أم تمثيلاً». هنا تستحضر حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين»، نعم، الخيرية لها فرسانها، سيحملون مشاعلها، ويقودون الركب على طريق التميز، والاحتدام والصراعات الزائفة حتماً مصيرها الزوال، وسيبقى معدن الخير الأصيل. الدكتور - عماد الدين حسين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©