الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإجازة العائلية ترميم لتصدعات جدار الأسرة وتقوية لروابطها

الإجازة العائلية ترميم لتصدعات جدار الأسرة وتقوية لروابطها
19 أكتوبر 2012
الإجازة مصدر لإعادة شحن الطاقة عند الإنسان للعودة إلى العمل بحماس وجهد أفضل، حيث أوضحت دراسة نفسية أنه مثلما يحتاج الإنسان إلى النوم ليواصل يومه يحتاج كذلك إلى الإجازة، وأن الإنسان يحتاج إلى التوقف عن التفكير لشحن الطاقة عن طريق التأمل والاسترخاء. الدراسة لفتت إلى أنه في ظل العمل المتواصل وانشغال الآباء عن أبنائهم لظروف العمل، وكذلك الأبناء عندما يكون وقتهم بين المدرسة والمنزل واللعب، قد لا يجد أفراد الأسرة وقتا للجلوس والتحاور والنقاش فالجميع منشغل بأموره، وقد يعيش عدد كبير من أفراد الأسرة تحت سقفا واحد ولكن لا يعلم أحدهم عن أمور الآخر، لذلك مهما كانت المشاغل كثيرة، فالأبناء بحاجة إلى إجازة عائلية لمدة ساعة يومياً على الأقل، بجانب الإجازات المعتادة في نهاية الأسبوع والمناسبات. (أبوظبي) - أبدى عدد من الآباء والأمهات الاستعداد للتنازل عن جزء من رواتبهم الشهرية، مقابل خروجهن المبكر من العمل، ليتمكنوا من قضاء بعض الأوقات مع أبنائهم، حيث إن خروجهم في الأوقات المعتادة، لا يسمح لهم بقضاء الوقت مع الأبناء، لأن أفراء الأسرة يصيبهم التعب، عقب عودتهم من العمل والمدارس، وبالتالي يحتاجون إلى المزيد من الوقت، إيماناً بأهمية الإجازة العائلية، وهو ما اتضح من حديث بدرية خالد البلوشي، مدرسة، بأنها ستكون أولى الأمهات اللاتي سيتنازلن عن جزء من راتبها مقابل أن تقضى أوقاتا سعيدة مع أبنائها الأربعة، مؤكدة أن ساعات العمل وانشغالها بأمور المنزل جعلاها لاترى أبناءها إلا قليلا. فجوة تقول، في ظل الانشغالات الحياتية التي تلهينا أجد أن هناك فجوة نفسية واجتماعية، تحول دون التواصل مع أبنائي، فغالبا ما أكون مشغولة بأمور البيت أو متطلبات المدرسة من تصحيح الكتب إلى إعداد وسائل تعليمية إلى تحضير الدروس، ليتبع ذلك قضاء وقت مع أبنائي لتدريسهم، وغالبا ما يكون مخصصا للدراسة فقط، وليس المناقشة والضحك واللعب لينتهي اليوم ويلحقه اليوم الثاني بالروتين ذاته، متمنية أن تهتم الأسر بذلك، فالأطفال بالفعل بحاجة إلى قضاء وقت ممتع بعيدا عن الدراسة والواجبات. ولا يختلف رأي حصة العبيدلي، ربة بيت، عما أشارت له بدرية، بل تؤكد أن نسبة كبيرة من الآباء لا يدركون خطورة هذه المشكلة تارة بحجة انشغالهم بتأمين مصاريف ونفقات أساسيات البيت فتأخذهم انشغالاتهم بعيدا عن أحوال ابنائهم، ومنهم من لا يرى أبناءه إلا وهم نائمين. وتستطرد العبيدلي، نسبة كبيرة من هؤلاء الآباء لا يشعرون بأنهم مقصرون بحق أبنائهم، إلا بعد أن تحدث مشكلة وتتفاقم ويقع أولادهم في دائرة الخطر، مثل الانحراف أو الإدمان أو الهروب من المدرسة أو اتباع بعض السلوكيات العدوانية التي تتجاوز حدود البيت إلى رفاق المدرسة أو أولاد الجيران ، وهنا يشعر الآباء أن عليهم واجب الاهتمام بالأولاد بشكل أكبر، مؤكدة أن الإجازة العائلية مع الأبناء كفيلة بأن تزرع هذا التواصل اليومي معهم لمناقشة أمور حياتهم وتعزز الثقة بأنفسهم، كما أنها تبعث به التفاؤل والمحبة لقضاء أوقاتا جميلة، ولو كانت ساعة واحدة بعيدة عن الروتين اليومي الممل. متطلبات الحياة لفت سالم خميس الراشدي، رب أسرة إلى أن الإجازة العائلية تعد في غاية الأهمية بالنسبة لأفراد الأسرة، فالمشاغل الكثيرة ومتطلبات الحياة جعلت كل الآباء منشغلين عن أبنائهم، وكل ذلك قد يؤثر سلبا على الأبناء، فهم بحاجة إلى تجاذب الحديث والمناقشة ومعرفة أحوالهم، ولو قام كل واحد منها بتقليص ساعات العمل أو استقطاع جزء من راتبه لقضاء أوقات ممتعة مع أبنائه ولو كانت ساعة واحدة، فقد يكون هذا التواجد خلال هذه الفترة كفيل أن يغير الكثير من نفسياتهم وحياتهم. ويضيف، ساعات عملي الطويلة التي تتطلب مني العمل حتى منتصف الليل تجعلني أشعر بالذنب اتجاه أبنائي الثلاثة خاصة ابني الذي لم يتجاوز الأربع سنوات، الذي لا أراه إلا وهو نائم. من جانبها لا تعتبر عفراء حسين، موظفة أن انشغالها بالعمل معظم الوقت يعد إهمالا لبناتها الخمس اللواتي يقمن بواجباتهن المدرسية والأسرية على أكمل وجه، وترى أن البنات يختلفن عن البنين في تركيبتهم النفسية والاجتماعية من حيث الخروج من المنزل أو افتعال المشاكل سواء في الشارع أو المدرسة، ولهذا لا تخاف عليهن في هذا الجانب، حتى وإن بقيت خارج المنزل لغايات العمل لوقت متأخر. وأشارت إلى أنها على اطلاع كبير على مشاكل وخصوصيات بناتها اللواتي يخبرنها بها أولا بأول، ولهذا تجد نفسها قريبة منهن بالرغم من انشغالها الدائم بتوفير المصاريف لهن ورعايتهن بعد وفاة أبيهن. قدوة ونموذج قالت الدكتورة غادة الشيخ استشارية اجتماعية وأسرية، لم يعد أمر تربية الأبناء ذو شأن في حياة الوالدين، بل إن الملاحظة مع الأسف أنه في أقصى قائمة اهتماماتهم، فالجميع منشغل عن أبنائه بحجه تأمين حياة رغيدة لأبنائه، لكن هذا ليس مبررا لهذا السلوك الذي سيدفعون مقابله الكثير من المتاعب التي سيحصد الأبناء متاعبها. وتتابع، الأبناء في حاجة ماسة إلى بقاء الوالدين معهم من أجل اكتساب العادات والخبرات الحياتية، دون أن ننسى أن أغلب الأبناء ينظرون إلى آبائهم باعتبارهم القدوة والنموذج الذي يتعلمون منه طريقة التفكير وطريقة التعامل مع الآخرين ناهيك عن مواجهة الأزمات وكيفية تجاوزها وهم في سن مبكرة. مؤسسة الأسرة بدوره يقول الدكتور موسى شلال قسم الاجتماع بجامعة الإمارات إن الأسرة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية في المجتمع فكلنا قد تمت ولادتنا داخل أسرة ووجدنا فيها ونحن صغار لا حوله لنا ولا قوة الرعاية التامة التي تضمن لنا أن نصبح أناس أصحاء قادرين على التفاعل مع بقية أفراد المجتمع من أجل تحقيق أهدافه وضمان استمراره، وليست الأسرة هي المؤسسة الوحيدة التي تعنى بتنشئة الأطفال اجتماعياً، فهناك المسجد والإعلام والشارع والمدرسة، وغير ذلك من المؤسسات التي تساهم جميعاً في خلق أجيال المستقبل. وأضاف، تعتبر وظيفة الإنجاب ووظيفة التنشئة الاجتماعية من أهم وظائف الأسرة على الإطلاق، ويفسد الأطفال إن قصرت الأسرة في تربية أطفالها تربية صحيحة تقوم على ثقافة المجتمع وقيمه ومعتقداته وقد يصبح بعض الأطفال أعداء للمجتمع الذي يعيشون فيه إن لم يجدوا الرعاية الصحيحة داخل أسرهم ومن مجتمعهم الكبير، إذ يحملون هذه المؤسسات مسئولية فشلهم في تربيتهم تربية صالحة تجعل منهم مواطنين صالحين. التنشئة أوضح أن عملية التنشئة الاجتماعية اليوم في مجتمعاتنا المعاصرة تأخذ وجهين اثنين، الأول هو أن هذا العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر قد زادت تعقيداته وكثرت وتداخلت مشاكله، مما جعل بعض الأسر غير قادرة على القيام بوظائفها الواجب القيام بها مثل تربية الأطفال، فقد انشغل الأب خارج المنزل طول اليوم في سعيه للكسب الحلال الذي يؤمن به لقمة العيش له ولأسرته ولم يعد لديه الوقت الكافي للقيام بواجبه كأب تجاه تربية أطفاله وتنشئتهم تنشئة اجتماعية صحيحة، وأيضاً انشغلت الأم العصرية بوظيفتها وكادرها الذي يأخذ منها الكثير من الوقت الغالي الذي كان يجب أن يوجه نحو تربية الأطفال، حتى عندما يعود كل من الأب والأم من العمل في نهاية اليوم يكونا في حاجة للراحة والاستجمام وبالتالي تضيق ساعات اليوم في أن يلتفت فيها الوالدان نحو أطفالهم، ولفت إلى أن الأجهزة الترفيهية شغلت كل الأسر وألهتهم من التواجد الدائم مع أطفالهم. أما الوجه الثاني حسب ما ذكر الدكتور موسى شلال أن أطفال اليوم أصبحوا يتلقون كثيراً من القيم ومفردات التنشئة الاجتماعية من جهات أخرى لا علاقة لها بقيم المجتمع، فقد كثرت أجهزة الأعلام وكثرت أجهزة الحاسوب الآلي وكثرت أجهزة التلفونات النقالة وكثرت أعداد الخدم من ثقافات أخرى داخل المنزل وأصبحوا يشاركون في عملية التنشئة الاجتماعية بغرس الكثير من القيم والمعتقدات والعادات واللغات في أطفال المجتمع. ويتابع، يوم الجمعة من أفضل الأيام التي يمكن أن يتم فيها التواصل مع الأطفال، فالحرص أن نأخذهم معك لصلاة الجمعة ذهاباً وإياباً وليكن المسجد بعيداً بعض الشئ حتى تزيد من مساحة الحوار معهم، مشيراً إلى أهمية يسأل الآباء الأبناء بعد نهاية الصلاة عن ماذا كان موضوع الخطبة وفى الحالة يحرص الأب أن يقوم كل طفل بسرد جزء من الخطبة ويمكن تنظيم ذلك بشكل دائم حتى توزع الاهتمام بالتساوي بينهم جميعاً. التيارات الثقافية تتلاعب بتنشئة الأطفال أشار الدكتور موسى شلال قسم الاجتماع بجامعة الإمارات، إلى أن هناك بعض التقصير من جهة الأسرة في تنشئة الأطفال بطريقة اجتماعية صالحة تقوم على قيم المجتمع ومعتقداته، وأحدث هذا التقصير في التنشئة الاجتماعية فراغاً كبيراً عند الأطفال وأصبحوا عطشى في حاجة لمن يروى ظمأهم ويسد هذا الفراغ، ومن جهة أخرى فقد هبت عاصفة ثقافية موجهة أو غير موجهة نحو مجتمعاتنا وصادفت هوى عند هؤلاء الأطفال فسدوا رمقهم بها. وقال إن الملاحظ اليوم أن كثيراً من قيم المجتمع وثقفته من لغة وعادات وغيرها عند الأطفال تمر بتغيرات كبيرة وخطيرة في مجتمعاتنا اليوم بسبب هذه العاصفة الثقافية، لذلك ليس علينا أن نعطل أعمالنا لكي نؤدي وظيفة التنشئة الاجتماعية ولكن علينا أن نبحث الطرق التي نستطيع أن نوفق بين تربية الأطفال من جانب والسعي لكسب العيش من جانب آخر، وهنا يمكن أن نلقي ببعض المقترحات، منها أن يحرص بعض أولياء الأمور كثيراً في أن يرحلوا أبناءهم يومياً إلى المدرسة في الصباح وفي نهاية اليوم الدراسي ويتفق الكثيرون معي أن هذا قد يكون صعباً للكثيرين، لكنه غير مستحيل، وفي النهاية هو خيار صالح في تربية الأطفال، ولهذا الصنيع محاسن جمة منها استقطاع زمن مهم صباحاً ومساء وإن قل مع طفلك، تزوده بالنصائح صباحاً وتملأ رئتيه بالأمل وأهمية العلم كما يعطي المربي فرصة تقديم الدعاء الطيب في ذلك الصباح، موضحاً أن الطفل يشعر بالأمان والطمأنينة وهو في صحبة والده في الصباح، وبالعزة والفخر به عند نهاية اليوم الدراسي. فجوة بين الآباء والأبناء أوضحت الدكتورة غادة الشيخ استشارية اجتماعية وأسرية، أنه مع إهمال الأبناء والانشغال عنهم والتقصير في احتضانهم، قد يشكل ذلك فجوة بين الآباء والأبناء، وقد يكون سبب في ضياع مستقبل الكثير منهم وهذا معناه أن يبحث الأولاد عن بدائل ومصادر أخرى يستمدون منها التوجيه ويسمعون منها كلمات المودة والتقدير والثناء، وفي أكثر الأحيان تكون هذه المصادر منحرفة، لكنها تبدو في صورة الصديق الودود أو الصاحب المحبوب مما يجعل الانخداع بها سهلا ميسورا ويكون أثرها مؤثرا مضمونا. وتنصح الآباء العاملين بتخصيص جزء كبير يوميا لمتابعة أبنائهم وقد يتفق الزوجان على تقسيم هذا الوقت بينهم، حيث يكون كل منهم على اطلاع مباشر على ظروف وأحوال أبنائهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©