السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الخصوصية» فـي مهبّ «الكاميـرات»

«الخصوصية» فـي مهبّ «الكاميـرات»
24 أكتوبر 2015 00:09
لماذا يلجأ البعض إلى سلوكيات لا يقبلها هو على نفسه ولا على أهله، ويسمح لنفسه بالتلصص على الآخرين واختلاس صورة بهاتفه «النقال» دون استئذان؟ كيف تحولت التقنيات الحديثة من نعمة إلى نقمة، وتتبدّل «اللحظات الخاصة» إلى أمر مشاع على وسائل التواصل الاجتماعي، والمنتديات؟ بات سوء استخدام كاميرات الهواتف النقالة أمراً مزعجاً للجميع، ويسبب الكثير من المشاكل، فيما شكلت مقاطع الفيديو والصور، فضائح وشائعات، جراء تصوير عشوائي ونشر مواده المصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبالرغم من أن البعض عمد إلى حظر التصوير في المناسبات الخاصة وحفلات الزفاف، إلا أن هناك فئة تصر على تشكيل نقطة إزعاج وقلق في التقاط الصور ومقاطع الفيديو بعشوائية وبدون استئذان. يرى مواطنون ومقيمون أن هناك تزايداً في ظاهرة انتهاك خصوصية الغير بكاميرات الهواتف المتحركة، مطالبين بتشديد الرقابة، وتفعيل القوانين لردع كل من تسول له نفسه بتصوير الأشخاص والأسر في أوقاتهم الخاصة، التي لا يرغبون في نشرها، لافتين إلى خطورة بعض الصور ومقاطع الفيديو التي يتم تصويرها ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي للسيدات في الأسواق والأعراس، وضحايا الحوادث المرورية، وهو الأمر الذي يعد انتهاكاً واضحاً لخصوصية الغير وحقوقهم الإنسانية. سوء ظن تقول مها علي، كنت مع عائلتي متجهين إلى إمارة أبوظبي، وكانت النساء في مركبة وأخرى للرجال، في منتصف الطريق قمنا بإنزال نوافذ المركبة للحديث معهم، ورأينا المركبة خلفنا تقوم بتصويرنا، ولم نعرف ما السبب الذي جعلهم يقومون بذلك، وكاد الأمر يصل إلى شكوى في مركز الشرطة، لولا اعتذار من قامت بالتصوير، مشيرة إلى أن ظنون البعض تجعلهم يقومون بتصوير أي أمر يحدث أمامهم، وإرساله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونسج قصص خيالية وبث إشاعات، ما أن ينتشر في المجتمع، حتى يتفاجأ من في الصور ومقاطع الفيديو بهذه المنشورات والقصص المنسوجة حولهم. وترى أنه حين تكون التكنولوجيا الحديثة، والمتطورة آفة في استخدامها، تتلاشى الأمنيات متوارية خلف ستار الخجل، والفشل، والجهل، حيث أصبحت تتشكل غمامة معتمة على عقول بعض الأشخاص الذين يسيئون فهم مثل هذه الأدوات، فيكون جل استخدامها خاطئاً، ومعظمهم يمارسون سلوكيات غير واعية ولا مبالية. فالأشخاص الذين لا يحملون على عاتقهم المسؤولية، يدوسون على مشاعر الآخرين، متخطين بأفعالهم الخطوط الحمراء، متعدين على خصوصية الآخرين، والدخول إلى عالمهم الخاص من النوافذ، شائحين بكل المبادئ والقيم التي رسمتها لهم مجتمعاتهم الحضارية، المتقدمة. إظهار الحقائق من جهته يقول خالد علي، إن نشر بعض مقاطع الفيديو كشف الكثير من الأمور وأسهم في إظهار بعض الحقائق، وكشف التقصير، كما أن مقاطع الفيديو الأخيرة في المدارس أسهمت في فضح بعض المعلمين وطريقة تعاملهم مع الطلبة، وساعدت على كشف كل من تسول له نفسه بالتعدي على غيره. لذلك أراها وسيلة يخشاها الجميع، وجعلت من العالم قرية صغيرة، لكنني في نفس الوقت لا أشجع التصوير بهدف التسلية أو إيذاء الناس والإساءة إليهم والانتقام منهم. وأشار إلى أن ثقافة احترام الغير وخصوصياتهم لا تزال غير مترسخة في عقول معظم أفراد المجتمع، ولابد من تظافر الجهود من أجل ترسيخها وتعميقها، ونشر مفهوم احترام الحياة الخاصة لكل فرد في المجتمع، فقلة الوعي والخلط بين الحرية والخصوصية موجود، فنرى الكثير من المقاطع المصورة والتي يتداولها الأفراد في المجتمع من دون اكتراث للآثار السلبية التي تخلفها هذه المقاطع في نفوس المعنيين بالأمر، وفي صورة المجتمع، وفي الانطباعات التي تولدها لدى الغرباء والدول الأخرى. فوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات ألغت جميع المسافات، والحدود بين دول العالم، وينتقل أي مقطع مصور مهما كان محتواه بسرعة البرق ويشاهده الملايين في دقائق معدودة. المسموح والممنوع ويقول مفلح عايض الأحبابي، لا يختلف أي منا على أن التصوير وسيلة لتوثيق اللحظات السعيدة والشيقة في الحياة، لكن ما يجب معرفته هو التفريق ما بين المسموح والممنوع، وما يجب تصويره وما لا يجب، مشيراً إلى أن ظاهرة التصوير وانتهاك خصوصية الغير هي ظاهرة غير أخلاقية، وتضايق الكثير وتثير مخاوفهم وقلقهم. فترى البعض يرفع هاتفه المحمول ويقوم بتصوير المترددين على الأماكن العامة، مثل المراكز التجارية والحدائق، دون إذن منهم ورغبة، ويسبب لهم الإزعاج، بل قد يتسبب بمشكلة كبيرة، في حال إن طلب شخص ما منه التوقف عن التصوير أو مسح ما قام بتصويره، لاحتوائه على مقاطع أو صور خاصة بنساء العائلة. والحل هو توعية جميع أفراد المجتمع بمختلف الوسائل، وأن لزم الأمر يتم الحديث الشخصي معهم، في الأماكن العامة، والمهم توضيح النص القانوني والعقوبات الصادرة في حق من يقوم بتصوير الأشخاص في حياتهم الشخصية ونشر ما تم تصويره. التعامل الأمثل: ويقول إبراهيم العبدوليأنه يمكن ملاحظة الأسلوب المتبع هذه الأيام، هو تصوير وتوثيق أي أمر أو تجاوز عبر التصوير بالصوت والصورة، وفي الأغلب لا يكون الهدف هو النقد البناء، بل التشهير والبحث عن الإثارة، والوشاية بالشخص المقصود من التصوير، وتشويه سمعته. فالبعض يقوم بتوثيق أي حادثة أو موقف أمامه بالصوت والصورة ظناً منه أن هذه هي الطريقة السريعة والفعالة لإيصالها للجهات المختصة، ومنهم من تجاوز ذلك بنقل وقائع وأحداث ليس لها صلة بالمواد المصورة، ولا يتناسب عرضها في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لا يقوم البعض بتأويلها بطريقة خاطئة، ويقومون بتوظيفها توظيفاً غير صحيح لمصلحة ما أو لأمور في أنفسهم، وبالتالي ينتشر على نطاق واسع في الدولة وخارجها، متسببين في تشويه سمعة جهة أو مؤسسة في الدولة. وأضاف أن الجميع مدعوون للتعامل الأمثل مع الصور ومقاطع الفيديو التي يتم تصويرها، والتعامل معها بجدية وعقلانية، لتحقيق الهدف الإيجابي منها، وتحويل الأمر للجهة المختصة حتى تتم معالجة الأمر، ومحاسبة المسؤول عنها، مؤكدا أن قوانين الدولة كفيلة بإيقاع العقوبات على من يسيء استخدام كاميرات الهاتف المتحرك ويقوم بنشر ما لا يحق له نشره. الوعي مطلوب: من جهتها ترى خيرات المزروعي،أن الهوس يدفع البعض لتصوير اللقطات دون تحري الدقة، ويساهم في ترويج الشائعات والأكاذيب، فكم من مقاطع تم نشرها بشائعات، ومن ثم نرى الشخص المعني يوضح السبب من مقطع الفيديو وإن ما تم تداوله عبارة عن أكاذيب وشائعات. كما يوجد من الأشخاص من يقوم بتصوير الصور ومقاطع الفيديو بقصد المزاح والفكاهة والضحك، دون مراعاة لمشاعر الغير وصورتهم في المجتمع. وأضافت قائلة: لنضع أنفسنا مكان الشخص الذي تم تصويره في حياته الشخصية، ونشر المادة المصورة على الملأ، ماذا سوف تكون ردة فعلنا، بالطبع لن نرضى عن ذلك. لهذا علينا جميعا أن نكون واعين حول ما نرسله ونستقبله، وأن نتوقف عن إعادة إرسال مقاطع الفيديو والصور التي نعلم بأنه تم تصويرها بخلسة، أو من دون إذن، أو ألا يجوز إرسالها لأنها تمس الحياة الشخصية لفرد ما. وأكدت أنه يجب تفعيل القانون واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يقوم بتصوير وتداول الصور ومقاطع الفيديو التي تسيء لشخص ما أو لأحد من أفراد أسرته، وألا يكون أي تساهل مع من يقوم بمثل هذه التصرفات غير المقبولة، والتعامل معهم بالحزم، والإبلاغ عنهم. ثقافة الاحترام: يرىحامد علي المرزوقيأن انتشار الهواتف الذكية المزودة بالكاميرات ذات الدقة العالية، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، أبرز أسباب التصوير غير القانوني، والذي فيه انتهاك لحرمة الغير وخصوصيته. كما يشكل الفراغ وغياب الوعي بالقانون والعواقب التي تنتج عن تصوير الأشخاص بغير علمهم، سبباً هاماً فيما نعاني منه في الوقت الحالي من انتشار صور ومقاطع فيديو لأشخاص في حياتهم الخاصة. ويعتبر المرزوقي الهوس لدى البعض بتصوير كل أمر، ولا يتركون أي جزء حتى يقوموا بتصويره لعرضه على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي هو سبب فيما نراه من فضائح وعرض وانتشار للصور ومقاطع الفيديو والخاصة بالأفراح والحفلات والمناسبات، بل منهم من يتجرأ ويتعدى ذلك بانتهاك حرمة الموتى والمصابين في الحوادث المرورية، دون أدنى مراعاة لمشاعر عائلة المصاب أو الميت، متسببين بذلك بأذى نفسي ومعنوي للأهالي، مؤكداً أهمية التوعية وترسيخ ثقافة احترام الغير والتوقف عن انتهاك الحرمات، هي أفضل ما يجب القيام به حتى تنحسر هذه الظاهرة. اللامبالاة والفراغ: أكد وليد سالمين العوبثانيأن استخدام كاميرات الهواتف الذكية وما شابه في تصوير الغير أو الأحداث غير الصالحة للنشر، وتداول الشائعات حولها، يعتبر سلوكاً سلبياً بحد ذاته، منافياً للقواعد القانونية والدينية والأخلاقية والعرفية، ودخول التقنية بمختلف أدواتها وأشكالها وأنواعها جبراً إلى حياتنا، يتوازى معها اختلاف الثقافات، واختلاف الشرائح العمرية، والمستويات العلمية والميول الشخصية والصفات، والتي يغلبها صفة الفضول. وأضاف أن ضعف الجانب الديني والأخلاقي لدى بعض الأشخاص يولد لديهم نوعاً من اللامبالاة والإهمال والفراغ، فترى الشخص الذي يقوم بتصوير كل أمر يحدث أمامه غير مبالٍ بما سيحدث، ومن الممكن أن تحدث جراء تصويره للأشخاص بغير علم أو إذن، ليتحول ما قام بتصويره مجالاً لوقوع ضحايا ابتزاز وتشهير، ونشر شائعات كاذبة، والحط من قدر الأشخاص، وأصبح هذا الأمر مصدر قلق للجميع، وتخوف من أن يكون ضحية لمثل هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون تبلداً في المشاعر ولا يعيرون خصوصية الغير وحرمتهم أي اهتمام. وأكد العوبثاني على أن الأمر يتطلب المزيد من الجهود من ناحية التوعوية المستمرة، مع تحديث وتطوير العقوبات والقوانين على التصرفات المتعدية على حقوق وحريات الآخرين، ومن جانب آخر هنالك دور مجتمعي يقع على عاتق الأسرة والمدرسة، ومختلف الجهات ذات العلاقة في توعية مختلف شرائح المجتمع بمختلف أعمارهم وثقافاتهم. تصرف غير مسؤول: وتعتبر رحمة عليأن التصوير العشوائي هو تصرف غير مسؤول وهوس، الهدف منه النشر السلبي والذي لا هدف من ورائه إلا الفضائح والتشهير، فما نراه الآن يفوق المعقول والمرغوب بتصويره، كتصوير الأعراس والعروسين والمدعوين، وتصوير الحوادث والمصابين فيها. ولا أعلم ما القلب الذي يمتلكه من يقوم بتصوير مصاب أو ميت في حادث، أو تعرض شخص للضرب، فبدلاً من استغلال الوقت بالاتصال في الجهات المختصة والإسعاف، ترى شخصاً يسابق الوقت للحصول على صورة أو مقطع فيديو من أجل بثه، وكأنما الأمر أصبح مسابقة ومنافسة حامية لمن يقوم بالتصوير والنشر أولا. وأشارت إلى أن هوس التصوير سببه الفراغ، وغياب الوعي وتشجيع أفراد المجتمع لهم، خصوصاً لمن يقوم بالتصوير ونشر المقاطع والصور في حساباته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحمل عدداً كبيراً من المتابعين المشجعين لهذا النوع من التصوير المسيء والسيئ. قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنص المادة 21 من مرسوم القانون الاتحادي رقم (?5) لسنة ?2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مئة وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمئة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق التالية: 1. استراق السمع، أو اعتراض، أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية. 2. التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها. 3. نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن مئتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمئة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©