السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عايدة عبد الحميد: في قمة عطائي الإعلامي اشتغلت مدبرة منزل

عايدة عبد الحميد: في قمة عطائي الإعلامي اشتغلت مدبرة منزل
17 مارس 2009 02:20
عرفت المحن منذ نعومة أظافرها، لكنها تألقت، حفرت اسمها في ذاكرة ابنيها نظرا لما قدمته في سبيل تعليمهما وتربيتهما، تجاوزت الكثير من المتاعب والصعاب، عملت في المجال الإعلامي منذ كانت طالبة ثانوي تمرست في مهنة العواصف الثائرة، تَزوجتْ طامحة في استقرار وأمان وإيجاد من يحمل معها ثقل الزمان، لكن نصيبها أن أحزانها تضاعفت وكبرت مسؤوليتها عندما تخلّ الزوج في منتصف الطريق عن مسؤولياته، وهي في رحلة شاقة بحثا عن علاج ابنة ولدت بإصابة في يدها نتيجة خطأ طبي، جابت الكثير من البلدان في سبيل علاجها، واستقر بها الحال في الإمارات التي وجدت بها الأمان النفسي والمعنوي، وبها أيضا عولجت ابنتها وعرف أولادها طريق التألق والنجاح، هي عايدة عبد الحميد علي أحمد إعلامية، وأم مروة ومروان· تقول عايدة عبد الحميد عن قصتها في الحياة ''ولدت لأسرة سودانية فقيرة، من أب بسيط وأم غرست في نفوسنا حب الخير، وهي السيدة الأمية التي لقنتنا أبجديات الحياة بالفطرة، وعندما نشر لي أول مقال بجريدة ''الأيام'' السودانية عن ''الثقة بالنفس''، وأنا في الصف الأول الثانوي، كدت أطير فرحا، حيث قوّى ذلك ثقتي بنفسي كشخص ووسط أسرتي، وكان ذلك في مطلع سنة ،1983 وأول راتب اشتريت منه كيلو من التفاح وأطعمته لأمي التي ربما كانت أول مرة وآخر مرة تتناوله في حياتها''· خطأ طبي ورحلات قاسية مرت بظروف قاسية، حيث توفيت والدتها وهي صغيرة، تزوجت زواجا تقليديا في غيبة الأم برجل قلّ ما يقدر المسؤولية، تتذكر ذلك، ولحظات ولادة ابنتها البكر وتحكي بمرارة ''بعد ولادة ابنتي لاحظت أن يدها اليمني كانت لا تتحرك، خطأ في الولادة نتج عنه شلل في اليد اليمني''، سافرت بعد ثلاثة أشهر وحدي إلى الكويت عبر منحة علاجية، أحمل طفلتي للعلاج، وكانت الحقيقة الطبية واضحة وقاسية لي، أخبرني الأطباء هناك أن إصابتها بالغة جدا، وتتطلب علاجا طبيعيا لمدة سنة، ثم يتم اجراء عملية جراحية لها، لكنني لم أستطع مواصلة العلاج، بعد ثلاثة أشهر فقط غادرت الكويت بسبب غزوها''، رجعت إلى السودان ومن ثم إلى اليمن، وكنت حاملا بابني مروان· اسمي في تقرير ''حقوق الإنسان'' في العام 1995 تم ترشيحي للعمل في اليمن كمراسلة لمجلة ''سيدتي''، أخذت أبنائي وذهبت ثانية إلى اليمن، صممت على فعل شيء من أجل ولديّ· كان من أهم محطاتي الصحفية تغطيتي لقضية ''سفاح صنعاء'' على صفحات مجلة ''سيدتي''، حيث كان لي السبق الصحفي بلقائه، وإجراء حوار معه، وقد تم تهديدي بالقتل إذا قمت بمتابعة قضيته، لكنني ظللت صامدة، لم أتوان في عملي، وقد ورد اسمي في تقرير حقوق الإنسان الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية للعام ،2000 حيث تحدث التقرير عن أن مراسلة ''سيدتي'' حاولت كشف النقاب عن هذه القضية، ولكن مورست ضدها ضغوطات من بعض الجهات الأمنية· بعد ذلك، جمعت مبلغا وذهبت إلى الأردن نهاية العام ،2000 ولكن د· عادل الشريدة، استشاري العظام بعمان قال لي ''الوقت قد تأخر في علاجها، ولكن هناك أمل إذا بلغت17 عاما يمكن إجراء عدد من العمليات وستحقق نجاحا إذا أجريت على يدي البروفيسور النمساوي ''هانو ميليسي'' رائد زراعة الأعصاب في العالم، والمتخصص في شلل الضفيرة العضدية· من الصحفية إلى مدبرة منزل ذهبت بمجازفة كبيرة، إلى القاهرة حيث فقدت عملي بمجلة سيدتي، هناك واجهت مشاكل عديدة، لم أستطع أن أواصل العمل، وطوال سنة ونصف السنة مررت بظروف قاسية في إعالة ابنيّ، كنت أفكر كيف يمكن أن أكسب رزقا حلالا لأعيلهما، حيث عملت مدبرة منزل لمدة أسبوع في منزل أحد الدبلوماسيين العرب، لم أخجل من عملي أبدا لأنني أرغب في صيانة كرامتي· الصدفة لعبت دورها لم يطل المقام بي في مصر، جئت إلى دولة الإمارات، وصممت على أن أسعى إلى هدفي الأساسي وهو علاج مروة، المصادفة لعبت دورا كبيرا معي، لقد قمت بتحقيق صحفي عن أسرة إماراتية تبحث عن معيل، وتم نشر التحقيق على صفحات مجلة ''كل الأسرة''، عقب ذلك اتصل بي تريم خوري من المكتب الإعلامي بديوان المغفور له بإذن الله ''الشيخ زايد'' طالبا بعض المعلومات عن هذه الأسرة، لحظتها تجرأت وقلت له ''هل يمكن أن أعرض لكم حالة ابنتي، التي لا أملك نفقات علاجها، قال لي: ''ابعثي بأوراقها''· بعد شهر اتصل بي تريم، وقال لي ''الطبيب النمساوي سيأتي زائرا بمستشفي المفرق، ومروة أول مريضة عنده''· وبعدها سافرنا إلى فيينا لإجراء العملية على يد البروفيسور ميليسي، وتكلفة العملية الواحدة كانت تبلغ 12 ألف يورو، بدون الإقامة والتذاكر، بذلت جهودا كبيرة في جمع هذه المبالغ، و قمت ببيع قطعة الأرض الوحيدة التي أمتلكها في السودان لعلاج ابنتي، وكانت تستغرق كل عملية 11 ساعة، حيث تم إجراء عمليتين لها بين سنة 2005 و2006 وخرجت بنتائج مذهلة· تفوق الأبناء تتحدث بإعجاب وفخر بما حققته، وهي اليوم تحصد نتائجه وتقول ''نالت مروة المرتبة الأولى في امتحان الشهادة الثانوية، والتحقت بكلية الاتصال جامعة الشارقة، وتفوقت في دراستها، نبغت في موهبتها ككاتبة ومذيعة، وتم اختيارها لتقديم برنامج ''استديو الجامعة'' الذي يبث على تلفزيون الشارقة· أما ابني مروان فأصبح ممثلا، مارس هوايته من خلال دور بإحدى المسرحيات على مسرح الطفل بالشارقة قبل عامين، كما قام بالتمثيل في برنامج تلفزيوني من 52 حلقة، على قناة الشروق السودانية في دبي، ويستعد الآن للقيام بمسرحية أخرى خلال شهر يناير 2009 بمهرجان مسرح الطفل في الشارقة· الأم المثالية على الصعيد العربي تتحدث عايدة عبد الحميد عن حيازتها لجائزة الأم االمثالية العربية وتقول: ''سمعة الجائزة وصيتها في الوطن العربي، وابناي كان لهم الدور الأكبر في تحفيزي بالمشاركة، وذلك من خلال نظرة التقدير والإجلال التي ينظران لي من خلالها، ولما لمساه من جهد واضح بذلته في تربيتهما وصقلهما وتهيئتهما للمجتمع، وقد قدمت ملفي لحيازة هذه الجائزة وأرفقته بأدلة وقرائن فاقت 200 وثيقة موثقة، والحمد لله فزت بالجائزة، وهذا جعلني أفتخر بما وصلت إليه من نجاحات''·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©