السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أعمال فنية إماراتية تطرح أسئلة حداثية في التشكيل المحلي

أعمال فنية إماراتية تطرح أسئلة حداثية في التشكيل المحلي
30 أكتوبر 2011 09:34
حققت خمسة أعمال فنية لخمسة من الفنانين الإماراتيين من الجيل الشاب نجاحاً جيداً، عندما عرضت في مزاد “كريستيز للأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة” الذي عقد مؤخرا في دبي، حيث لقيت الأعمال تجاوباً كبيراً من قبل الجمهور المتخصص وبيعت معظمها. الفنانون الإماراتيون الخمسة ولوحاتهم هم: نور السويدي لوحة بعنوان “ارٍ وأنا” وميرا حريز لوحة بعنوان “مادونا”، ولطيفة بنت مكتوم لوحة بعنوان “نظرة أخيرة” ولمياء قرقاش لوحة “سالم” وسعيد خليفة لوحة “ما يمكن أنْ يُصَدَّق”، حيث تمّ بيع هذه الأعمال بالمزاد بقيمة تفوق القيمة التقديرية الأولية مسجّلة أرقاماً قياسية عالمية لهم جميعاً، بحسب ما جاء في بيان صدر عن كريستيز. وكان المزاد قد أقيم في فندق أبراج الإمارات مساء الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، وذلك من بين تسعة وثلاثين من الفنانين الذين شاركت أعمالهم في المزاد، وتقل أعمارهم عن خمسة وثلاثين عاماً. تنتمي هذه الأعمال إلى ما بعد الحداثة وأسئلتها الراهنة في الفن التشكيلي الإماراتي، أي أنها تميل إلى التقنيات الحداثية التي تفتح إمكانات التعبير أمام الفنان إلى أقصى مدى، بحيث من الممكن تأويل هذه الأعمال وإنتاج معنى جديد لها، أو دلالة واسعة بحسب ما يرى الناظر إليها. “عارٍ وأنا” لنور السويدي ينزع باتجاه التجريد التعبيري، إذ تتداخل خلفية اللوحة مع الراقصين في مقدمة اللوحة، حيث من الملاحظ أن غياب التفاصيل التي تبرز الجسد الإنساني قد جاء لمصلحة إبراز الكتل اللونية التي يمتزج فيها هذا الجسد بالخلفية وكأن كلاً منهما امتداد للآخر على نحو يجعل المرء يعتقد أن الفنانة قد بدأت عملها هذا بتقصّد التجريد المحض لا التجريد التعبيري فتركت للعمل ذاته أن تتبلور العلاقات اللونية بانسجامها وتنافرها وتناغمها لتنتج مثل هذه الأجساد القابلة للتأويل بأنها أجساد لراقصين، خاصة أن العنوان ذاته يحمل إمكانية لهذا التأويل. أما ميرا حريز في “مادونا” فتستفيد من تقنيات التصوير الضوئي لتنتج عملا يوائم بين ما هو حداثي مئة بالمئة وما هو تراثي بحيث لا تتجسد الهوية الثقافية للمكان، بل نرى في التصميم امرأة اختفت ملامحها خلف أقنعة متحولة، إذ تغطي منطقة الفم والخدين كمّامة سوداء تشبه إلى حد بعيد الكمّامات الطبية التي يرتديها الممرضون في حين يغطي العينين والمنطقة الوسطى بينهما وكذلك الأنف مخروطان اسطوانيان، فيما الأذنان امتلأتا بأكثر من حَلَق بطريقة مبالغ فيها تشبه طريقة الهبيّين، فتبدو تسريحة الشعر حديثة تماما، لكنها بسيطة وأنيقة، بتلك الخلفية الحمراء من القماش. أهي تكهّن بما ستول إليه أوضاع المرأة في الإمارات في المستقبل القريب أو البعيد؟ أم أن الصورة التي تجمع الفانتازي إلى الواقعي، هي تعبير نفسي راهن عن إحساس المرأة الإماراتية أو امرأة إماراتية ما بما يحيط بها؟ هنا فإن أي إجابة بالسلب أو الإيجاب تبدو مقنعة ولها منطقها الخاص. وبحسب ما تقول لطيفة بنت مكتوم في كتاب المزاد فإن العمل “نظرة أخيرة” هو تأمل ذاتي للتطور الحادث في الإمارات الآن، وبحسب الصورة المركبة التي استفادت من تقنيات الفوتوشوب بكل إمكاناتها الحديثة وطاقتها التعبيرية، فإن هذا التأمل ينظر بعين عدم الرضا عن هذا التحول، ربما بدليل غياب الهوية المكانية التي كانت سابقا تحتضن امرأة شابة تنظر الآن إلى أفق بعيد، إنما تقف على أرضية رخوة أو هلامية بالأصح بسبب ذلك اللون الأصفر الباهت في تناغمه مع رمادي الغيم في السماء بما يشيع جوّا من الحزن في العمل عموما إن لم نقل الكآبة أيضاً دون إفراط في التأويل، أيضا كما لو أن عالماً بأسره يغادر هذه المرأة، وينأى عنها فيما تصل هي إلى ما يشبه شاطئ جزيرة لا تعرفها في حالة من فقدان البوصلة، ومن الواضح هنا المقدرة على ترجمة الإحساس الأنثوي بشفافيته هذه إلى صورة بعناصرها المكتملة دون أن يفقد الحس مسحة الأنوثة التي تطبعه بطابعها. وقد يصحّ هذا القول على لوحة لمياء قرقاش “سالم” أيضا، لكن “سالم” تتوافر على جرأة أعلى ربما، فهي تقترح رؤية متخيلة لهوية شديدة التركيب والتعقيد وتمنح الناظر إليها إحساساً محيّراً فالشاب في هذا العمل يكاد يكون مهرجاً، لكنه في الوقت نفسه يستخدم مكياجاً أنثوياً أكثر منه ذلك الخاص بالمهرجين وفقاً للنظرة الكلاسيكية إليهم في الفنون، وقد أضيف إليه طوق الأزهار في الرقبة. أيضا على مستوى تركيب اللوحة من عناصر فوتوغرافية، تعبّر “سالم” عن إمكانات لافتة في التخييل والأداء معا. وأخيرا إلى صور خالد خليفة الرقمية، “ما يمكن أنْ يُصَدَّق”، فما يقدمه الفنان هو مشهد بصري قابل للقراءة على أكثر من احتمال واكثر من وجه. عبر قطعة قماش كبيرة من الساتان الحريري الناعم، يقوم خالد خليفة بخلق تشكيلات خاصة من الممكن تصديق أنها تحمل هذا المعنى وذاك في وقت واحد فما يبدو بالنسبة للناظر خلف هذا الساتان بأنه قطة صغيرة أو لعبة من ألعاب الأطفال قد يكون شخصاً يرتدي قناعاً، ويرقص في عتمته الخاصة، لكن عمل خالد خليفة عبارة عن تشكيل بصري من عناصر تشكيلية وأخرى فوتوغرافية معاً تنسج من خلال المخيلة انسجامها الخاص.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©