الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الطيّب» سلمان رشدي

«الطيّب» سلمان رشدي
18 أكتوبر 2012
عاد سلمان رشدي للأضواء بإصداره هذه الأيام مذكراته، وقد تمّت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية، والمؤكد أنّ رشدي يبحث دائما عن الأضواء وكلما تجاهله الإعلام، أو تناساه فإنّه يسارع بأن يعود إلى صدارة الاهتمام، وهو وإن تظاهر دائما بانزعاجه من الفتوى الصادرة ضدّه إثر نشره لروايته “الآيات الشيطانيّة” فإنّه مستفيد معنويّاً وماديّاً من لعب دور”الضحيّة”.ويقدم سلمان رشدي نفسه في مذكراته التي حملت عنوان “جوزيف أنطون” كرجل مسالم وروائي متسامح وأنه “ضحيّة”، ويسترجع في استجداء واضح للقراء ذكرياته عن اليوم الذي صدرت بحقه الفتوى الشهيرة باغتياله، والتي يقول أنه نقلها إليه صحفي”ذات صباح مشرق من عام 1989”، مشيرا بأن ذلك صادف “عيد الحب” الذي تحتفل به أوروبا والغرب كلّ عام، وحرص سلمان رشدي لكسب تعاطف القراء بالحديث عن ردّ فعل زوجته ـ التي كان على وشك الانفصال عنها ـ وابنه الذي كان في التاسعة من عمره. وقد اختار سلمان رشدي الاسم المستعار الذي “اختفى” وراءه لحماية نفسه بعد صدور الفتوى وهو جوزيف أنطون Joseph Anton لينشر تحته مذكراته، وعلّل ذلك بقوله إنه أراد أن يبيّن المخاطر التي قادته ـ وهو الكاتب الشهير ـ إلى استبدال اسمه الحقيقي باسم مستعار قال إنه يكرهه، وإنه وضعه على مذكراته لـ”توديعه”. كما اختار الحديث بضمير الغائب. ويصوّر المؤلف في مذكراته “بطولته” المزعومة على امتداد 8 سنوات و”شجاعته” في مواجهة الفتوى بقتله، مؤكدا أنّه قبل التحدّي في سبيل ما يسميه حريّة التعبير، وأنّه كان “مستعداً للموت من أجل الحريّة”، ويمضي جوزيف أنطون ـ أو سلمان رشدي - في استعراض ما يكرره بأنها “تضحياته في سبيل حرية التعبير” محاولا في كل فصل وفي كل جملة أن يكسب ودّ القارئ بتقديم نفسه كـ”حكيم” هنديّ. وليس أمراً بريئا أن يختار سلمان رشدي هذا الوقت بالذات لنشر مذكراته، فالأكيد أن له حسابات سياسيّة وأخرى “تجاريّة”، وهو يقول إنّه الآن أخذ مسافة زمنيّة بالنسبة لما عاشه إثر صدور الفتوى بقتله بعد إصدار كتابه “الآيات الشيطانيّة”. ويروي سلمان رشدي أنه أثناء زيارته لنيويورك بعد صدور الفتوى تمت حمايته حماية مشدّدة، حتى أنّ تنقلاته كانت في سيارة “ليموزين” مصفحّة، وأن الحارس المكلّف بالسهر على حمايته كان في حالة استنفار قصوى، وقد سأله سلمان رشدي: “هذه الإجراءات الأمنيّة الاستثنائية يبدو لي أنه مبالغ فيها، فمن غيري يمكن أن يحظى بمثل هذه الحماية؟” فأجابه رجل الأمن: “ياسر عرفات”. ويقول سلمان رشدي إنه انفجر ضحكا لهذا الجواب، ويكشف أن رجل الأمن المكلّف بحمايته أوصاه بالحذر والحيطة من زوجته التي قد يقع تجنيدها وتغتاله. وقال سلمان رشدي إن رجل الأمن نفسه أضاف وهو يتّجه له: “لو أردت أنا أن أغتالك لكلفت زوجتك بذلك وجندّتها ضدّك”، ويصرّ سلمان رشدي على التأكيد بأنّ من أصدروا الفتوى ضدّه لم يقرأوا كتابه، وأنهم أرادوا الركوب على روايته لتحقيق أهداف أخرى. وحاول المؤلف مرّة أخرى في مذكراته الدفاع عن كتابه “الآيات الشيطانيّة” ملّحا أنها مجرّد رواية، وانتقد بعض الكتّاب والمفكرين الشرفاء الغربيين الذّين عبّروا صراحة عن استنكارهم لما جاء في روايته من استفزاز للمسلمين، ومنهم جون لوكاريه Johon Le carré الذي أيد الفتوى ووجد لها مبررات. ولا يخفي سلمان رشدي الى اليوم حنقه من هذا الموقف، ولم يتقبّل ما قاله له جون لوكارييه عندما خاطبه: “إذا كنت تعرف عدّوك وتهاجمه فلا تستغرب أبدا بعد ذلك من ردّة فعله الذّي أنت تعلم كيف ستكون” وأكّد رشدي في مذكراته أنه يعترض بشدّة على هذه الحجّة التي قال إنه لو عمل بها فإنّه سيتوقّف عن الكتابة. وفي طيات هذه المذكرات كلام كثير، هو أقرب إلى الثرثرة، منه تأكيده بأن “رشدي” ليس لقبه الأصلي وإنما والده هو الذي اختاره للعائلة لإعجابه وتقديره بالفيلسوف العقلاني”ابن رشد”، وكثير من النقاد شككّوا ـ ولو بشكل ذكي ـ في هذه المعلومة، وهذا التفسير الذي يريد سلمان رشدي أن يستدل به على ما يسميه هو “الفكر الحرّ” المتأصل في عائلته. وذهب سلمان رشدي إلى حدّ الإدعاء بأنّ والده كان عالما وباحثا في الإسلاميات، وأنه نقل إليه معارفه وتعلم عنه ما يسميها “المعارك الفقهيّة بين المجتهدين وبين المحافظين في الفقه والتفسير”. وحاول سلمان رشدي أن “يتفلسف” وهو يفسّر اختلاف المسلمين في العديد من المسائل سعيا منه إلى إيجاد مبرّر لما جاء في كتابه، استنادا على تصويره والده بصورة العالم الاسلامي والمجتهد المجدّد، حيث أصبغ عليه هالة من الإجلال. وخصصّ سلمان رشدي فقرات مطوّلة في مذكرّاته للحديث على الإسلام في بلاده الأصليّة الهند سعيّا منه إلى التأكيد بأنه فتح عينيه على ما يسميه “إسلام منفتح”، ولا يتردّد في مهاجمة الغرب أيضا بحجة أن هذا الغرب هو الذي يحمي ويساند بعض الأنظمة العربية المتشدّدة في فهمها للإسلام وتطبيقاته. ويقول رشدي إنه لا يرى اليوم بوادر أي “تفتّح” في العالم الإسلامي. وجاء في مذكرات سلمان رشدي ان الفتوى التي صدرت ضدّه عام 1988 انتشرت عبر الفاكس، مؤكدا أنه لو صدرت في أيامنا هذه في عهد الانترنت، فإنّه لن يكون له أي حظّ في النجاة. وتحدّث المؤلف في فصل آخر من مذكرّاته عن زواجه من عارضة الأزياء “بادما” التي تصدّرت صورها المجلة الشهيرة “بلاي بوي”، ويروي أنه لجأ في وقت سابق الى الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها المكان الأكثر حماية وأماناً له، وهناك تعرّف على “بادما” التي قال إنه ظنّ أنّه أحبّها في البداية، ولكنّه اعترف أنه لم يجد فيها ما كان يحلم به، ولذلك انفصلا بعد زواج دام 8 أعوام. وهو في مذكراته لا يذكرها بخير بل كان في حديثه عنها وكأنه يريد تصفية حسابات قديمة معها واظهرها في مظهر المرأة التي لا تليق به. ويتحدث عما أصابه من انهيار بعد طلاقه وانفصال ابنه عنه، كما يستعرض تفاصيل علاقته بزوجته الثانية التي انجب منها ابناً هي الأخرى، وتحدث عن طفولته في مدينة بومباي الهندية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©