الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سحر ملص: أنا «زرقاء اليمامة»

سحر ملص: أنا «زرقاء اليمامة»
18 أكتوبر 2012
سحر ملص مبدعة أردنية وصيدلانية تميل للأدب، تثيرها دمعة طفل أو صرخة امرأة أو قهر رجل. ومن وجهة نظرها نحن نعيش في عالم مجنون صارخ بالتناقض يستشري فيه الظلم. صدر لها تسع مجموعات قصصية هي: “شقائق النعمان”، “إكليل الجبل”، “ضجعة النورس”، “مسكن الصلصال”، “الوجه المكتمل”، “سفر الرحيل”، “الشمعة والظل”، “صحوة تحت المطر”، و”ذاكرة المكان.. عبق الأرض”. وفي حوارها مع “الاتحاد الثقافي” قالت إن بطلها هو الإنسان بعيدا عن “الجندر؛ الذي يسعى لحياة فاضلة وقد يكون خوذة جندي يقف في الخنادق المتقدمة يحرس الأرض والعرض. وتضيف: أكتب لأخدش وجه الزمن ووجع الحياة، وان شخصياتها متمردة على واقعها المرير صارخة محتجة في سعيها لواقع أفضل واصفة نفسها بـ”زرقاء اليمامة” التي ترى ما لا يراه آخرون، قادرة على التنبؤ بالخطر دون أن تنظر للوراء. وترى أن الكتابة علاج للروح والنفس وهي تكتب ليستيقظ الناس ويشاهدوا الحقيقة. وفيما يلي تفاصيل الحوار: ? كيف تشخصين المشهد الثقافي بالأردن عموما والقصة خصوصا في ظل إجماع على وجود وجع ثقافي؟ ? لا يمكن فصل الثقافة عن نبض الشارع وما يجري في الواقع إذ أن الثقافة مرآة للحياة بجدارة، ونحن نمر بأزمة عربية تتمثل في فتح الأبواب على مستقبل مجهول، كذلك فإن الثقافة نتاج للفكر البشري تتأثر بكل ما يجري فالبعض آثر الصمت أو لجمته المفاجأة. ثمة سكون في المشهد الثقافي رغم إصدار كتب وعقد ندوات وفعاليات ثقافية.. ربما هي مرحلة تمثل للواقع الجديد واستيعابه بانتظار المخاض. أما عن القصة ودفنها وهي حية بحجة أن الزمن الحالي هو زمن الرواية، فالبعض صدّق هذه المقولة وحاول البحث عن مخرج آخر ومنهم من اتجه لأسلوب القصة القصيرة جدا.. أفلح حينا وأخفق حينا آخر حتى ظهرت بضعة أسطر مبتورة تمثل خواطر سريعة ولا تمثل القصة القصيرة الحقيقية.. هناك مخلصون لهذا الجنس الأدبي. أكتب للإنسان ? لمن تكتبين.. شخصياتك مستسلمة أم متمردة على واقعها؟ ? أكتب للعالم.. للإنسان.. لنفسي.. أحاول أن أخدش وجه الزمن ووجع الحياة وما شاهدته من صراعات وعنف وظلم. أما شخصياتي فمعظمها متمرد على واقعه المرير، على الظلم.. هي دوما صارخة محتجة على ما يجري من فوضى وهي تسعى لحياة فاضلة لكن الشخصيات المستكينة المستسلمة قليلة تترك عري واقعها وفظاعته يصفع وجه العالم ببشاعة ووخزا في ضمير القارئ لا ينتهي. ? طقوسك في الكتابة هل هي معتادة أم تنتظر لحظة تفجر ما؟ ? لا بد لبذرة الإبداع من دافع يثير الشعلة لتتقد لكنني دوما في حالة رصد وتلقي للمثيرات الإبداعية، حيث تكمن في النفس لتثور دفقة واحدة.. ولا طقوس لديّ فإن داهمتني قصة أثناء قيادة سيارتي أتوقف في الطريق وأكتب.. أسكب جنونها على الورق رغم أن بعض الأعمال الإبداعية التي تتعتق في أعماقي تنطلق بلحظة جامحة. ? ما الذي يثيرك ويرفع الأدرنالين في دمك.. وهل تكتبين برومانسية أم واقعية؟. ? كل مثيرات الحياة تجعل من الأدرنالين مرتفعا بدمي، بدءا بدمعة طفل أو صرخة امرأة أو قهر رجل.. نحن نعيش في عالم مجنون يستشري فيه الظلم.. عالم صارخ بالتناقض.. دبلوماسية وسياسة كاذبة تحكم العالم.. تمجد الإنسان في قنوات إعلامها وتسحقه واقعيا. أما عن الرومانسية والواقعية فأنا أغمس لحظة الواقع في رنات الخيال.. أظهر جنونه.. أعري ما غاب عن عيون الناس ثم أطلقه بجموح. أريد من كتابتي أن يستيقظ الناس ليشاهدوا الحقيقة فقد تلبدت المشاعر في عصر التخدير والكلمة محرض ومنبه للنفوس منذ الأزل. العين أسرار ? في روايتك الأخيرة “العين الزجاجية” ما الذي أردت لفت الأنظار إليه وسط عنوان يفتح الكثير من التأويلات؟ ? العين بؤرة أسرار الحياة ومصدر نبضها وتفاعلها بأي إيقاع بشري فكيف إذا أصبحت جامدة أو محايدة أو كفت عن النظر!. بطلة الرواية شاهدت الحياة بمنظار آخر بكل ما فيها من مال ومنصب وصراع وحتى العلاقات الاجتماعية وتوصلت لوجود ما هو أجمل وأقوى وأحداثها تجري في دمشق وعمان أثناء إجراء عملية جراحية لعين البطلة. ? من بطلك في نتاجك الأدبي.. وكيف تنظرين للمرأة أو الرجل؟ ? الإنسان بطلي وفي حالات نادرة جعلت من الأشياء أبطالا كخوذة جندي وأحيانا كانت حيوانات.. المهم أن تكون هناك قضية لكن معظم قصصي تعالج قضايا المرأة والإنسانية بشكل عام. أما منظوري للمرأة والرجل فالحياة قامت ونبضت على وجودهما وعلاقة التكامل بينهما لكن الصراع والموروثات الاجتماعية غيرت تكاملهما وجعلت العلاقة تسلطية تحكمها عقلية ذكورية أحيانا. ? يلاحظ وجود شللية ثقافية بالأردن.. فهل أنت جزء من اصطفاف أو تشعرين بالتهميش؟ ? أنا إنسانة وكاتبة مستقلة بالرأي والتفكير والإبداع.. أنتمي لصدقي في رؤية الأحداث والحياة والإنسانية.. ولا أشعر بالتهميش فقد أعطيت صوتي الصادق من خلال إبداعي وأتى بحصاد جيد. وأود القول إن الاصطفاف يضعف الحركة الإبداعية وإن ظهر على شكل قوة فالمبدع الذي يصفق له الآخرون بغير حق يحقن بمخدر يجعله يرى نفسه مبدعا كبيرا لكن الحقيقة أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض والباقي يخرج زبدا ويظل الزمن هو الحكم للأصلح. نقاد يتصيدون ? علاقتك مع النقاد تصالحية أم تصادمية وكيف تقيمين الحركة النقدية عقب مقولة “أكتب عني أكتب عنك”؟ ? لم أطلب يوما في حياتي من أي ناقد أن يكتب عني وقد كتب كثيرون كان بعضهم من الوطن العربي وتم تقديم ثلاث رسائل جامعية لنيل درجة الماجستير بالجامعات الأردنية عن أعمالي الأدبية.. وقد صادفت نقادا يتصيدون في كتابة المرأة. هناك من كتب ضدي وأسقط رؤاه الضيقة على ما أكتب، وثمة تهمة توجه لكل كاتبة أنها تصور حياتها وهذا غير صحيح، إذ كيف للمبدعة أن تعيش حياة أبطالها فتكون تارة شحاذة ومعلمة ومرة زوجة مضطهدة وأخرى عاشقة. أما قاعدة “أكتب عني.. أكتب عنك” فهي كارثة أدبية، فقد تزمر وتطبل للبعض لكن قارئ اليوم ليس ساذجا ويستطيع تقييم أي عمل أدبي ويكشف المستور. ? الجنسوية في الأدب.. هل هي قضية حقيقية أم مفتعلة؟. ? أظنها مفتعلة فالكتابة أصلا ليست بدافع الترف بل نابعة من حاجة الإنسان المبدع لتغيير الواقع وطرح همومه ومشاكله مع الحياة، وليس صحيحا أن الرجل هو الأقدر على تلمس هموم الحياة، وعندما بدأت المرأة التعبير عن همومها وهموم الغير أيضا اتهمها البعض بأن كتاباتها مجرد خواطر وإرهاصات وتعبير عن الذات لكن الواقع أثبت غير ذلك. لا أنكر وجود كتابات ضعيفة وهذا ينسحب على المرأة والرجل لكن دخول المرأة باب العمل جعلها قادرة على تلمس هموم المجتمع بأكمله برؤية أشمل. ? كمبدعة.. ما أبرز مشكلك في مجتمع محافظ؟ وهل عندك معوقات في النشر؟ ? وعيي المتقدم بالحياة كان أبرز المشاكل التي صادفتها، وكأني زرقاء اليمامة التي ترى ما لا يرون فإن تنبأت بقدوم الخطر سخروا من نبوءتي.. عانيت بحياتي فلم تكن دربي ممهدة أو مفروشة بالورد بدءا من حقي في التعليم الجامعي الذي كافحت عقلية قديمة لأبي رحمه الله تعالى الذي كان يصر على عدم تعليم المرأة رغم ثرائه المادي لكن تعلمت وحصلت على بكالوريوس الصيدلة بالدين من قريب. وبالنسبة للنشر فقد اعتمدت على ذاتي وأنشر على حسابي الخاص ثم موّلت وزارة الثقافة وأمانة عمان منشوراتي ومع ذلك ما زلنا نعاني من البحث عن ناشر يستوعب ما نواجهه دون عناء أو خسارة .. الكتابة بلا مردود مادي حقيقي ولها مردود معنوي بحت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©