الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إندونيسيا...عشر سنوات على تفجيرات بالي

17 أكتوبر 2012
بعد مرور عقدين على التاريخ الذي انفجرت فيه القنابل في ناديين ليليين في مدينة بالي الإندونيسية ما أدى في حينه إلى مصرع 202 شخص كان من بينهم 88 سائحاً أستراليا و38 إندونيسياً وسبعة أميركيين، تبدو المنظمة الإرهابية التي نفذت تلك العملية المروعة ضعيفة ومتشرذمة. ودفعت التحذيرات الاستخباراتية من احتمال وقوع هجوم آخر بمناسبة الاحتفال بذكرى تلك التفجيرات الشرطة الإندونيسية إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية قبل أن تعود بحلول صباح الجمعة الماضي لوصف تلك التحذيرات بأنها"غير ذات أهمية". ولتكريم ضحايا تلك المذبحة التي وقعت عام 2002 حضر المئات من الأشخاص منهم رئيسة الوزراء الأسترالية "جوليا جيلارد" حفلاً أقيم بهذه المناسبة في الصباح الباكر من ذلك اليوم. كما ألقى وزير الخارجية الإندونيسي "مارتي نتاليجاوا" خطاباً وصف فيه ذلك الهجوم بأنه"كان هجوماً على البشرية بأكملها". وقال الوزير أيضاً إن إندونيسيا"ستظل ملتزمة بهدف تعزيز صوت الاعتدال وبمحاربة التطرف وعدم التسامح في كافة أشكاله....". وكانت الولايات المتحدة قد صنفت إندونيسيا بعد تلك الهجمات المريعة بأنها دولة من دول الخط الأول في المواجهة العالمية للإرهاب، وقامت بناء على ذلك بتقديم المساعدات والتدريب لقوة متخصصة من قوات النخبة في الجيش الإندونيسي وهي المفرزة 88 التي تم تأسيسها في أعقاب تلك الانفجارات. وقد فاقت النتائج المتحققة من ذلك كافة التوقعات: فآخر هجوم وقع ضد أجانب في إندونيسيا كان عام 2009، فضلاً عن أن "الجماعة الإسلامية" وهي فرع تنظيم "القاعدة" في جنوب شرق آسيا والمسؤولة عن هجمات بالي 2002 تعرضت للشلل، بسبب الحملات التي شنتها الشرطة من ناحية والانقسامات التي تعرضت لها من الداخل من ناحية أخرى. ليس هذا فحسب بل إن جميع المشتبه بهم الرئيسيين الذين شاركوا في هجوم بالي إما قتلوا أو سجنوا. والحال إن إندونيسيا خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، ومنذ أن ترك رئيسها القوي"سوهارتو" الحكم قد مثلت نموذجاً للاستقرار في تلك المنطقة من العالم. بيد أنه على الرغم من جميع الجهود التي بذلتها إندونيسيا، والتي تلقت عليها ثناءً واسع النطاق، فإن المحللين يقولون إن هناك خلايا إرهابية أصغر قد برزت فجأة في السنوات الأخيرة، ما زالت تمثل تهديدات لتلك الدولة، وأن عدم فهم كافة الحقائق المتعلقة بتلك الخلايا قد أعاقت عملية تعزيز جهود مكافحة الإرهاب. وبعض هذه الخلايا يعمل مستقلاً عن الجماعة الإسلامية، و"جماعة أنصار التوحيد"، التي أسسها رجل الدين المتشدد أبو بكر بشير، الذي يقضي في الوقت الراهن حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً بسبب الدور الذي لعبه في إنشاء معسكرات تدريب للمسلحين الإسلاميين، الذين ثبت ضلوعهم في الإرهاب. وتتكون تلك الجماعات عادة من الشباب الساخط على الأوضاع في البلاد. ومما يشار إليه في هذا الصدد أن جماعة "أنصار التوحيد" قد أصبحت مصدراً رئيسياً من مصادر تجنيد الوعاظ الساعين لتأجيج الغضب ضد الدولة الإندونيسية، والمسيحيين والطائفة الأحمدية، والشيعية- الصغيرة العدد- مؤخراً. وتستخدم تلك الجماعات الإنترنت لتجنيد الأعضاء الجدد في الوقت نفسه الذي أدت فيه الإدارة السيئة لمنظومة السجون في البلاد إلى خلق نوع جديد من مراكز التفريخ بسبب الفرصة، التي وجدها المدانون بالإرهاب داخلها لنشر أفكارهم المتطرفة. تحاول تلك الجماعات المتطرفة تحقيق المزيد من الانتشار من خلال الحديث، والخطابة في المنابر المتاحة، ومن خلال الاجتماعات التي تعقدها في المساجد. وعلى الرغم من النجاح الذي تحقق في القبض على المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب، وتفكيك المؤامرات الإرهابية، فإن إندونيسيا ما زالت حتى الآن تعاني من مشكلات التصدي للأيديولوجيات التي تدفع الأفراد لارتكاب أعمال العنف- كما يقول المحللون. منذ عام 2002، قادت بعض المنظمات غير الحكومية حملات وقائية على مستوى محدود، حاولت من خلالها التواصل مع الشباب من خلال الأنشطة الفنية ومواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت،كما حاول بعضها توفير وظائف للأفراد المدانين بالارتباط أو المشاركة في الإرهاب بعد الإفراج عنهم من السجون. ولكن تلك الجهود كانت تفتقر إلى شيء مهم يضمن لها النجاح وهو الدعم الحكومي الواسع النطاق. وبدورهم يعترف المسؤولون الحكوميون بهذا التقصير غير أنهم يقولون إن ذلك يرجع لانشغال الحكومة بشن حملات الدهم والملاحقة للجماعات الإرهابية مع مراعاتها في نفس الوقت ألا يؤدي ذلك إلى المس بالحريات الدينية. وكان الدور الذي لعبه زعماء منظمات التيار الرئيسي الإسلامية، المسموح لها بالعمل دوراً محدوداً وكانت حجتهم في ذلك أن وظيفة الشرطة والحكومة هي العمل على تفعيل القوانين التي تمكنهم من متابعة وإيجاد حل لتلك الظاهرة. ويقول بعض علماء المسلمين المنتمين لذلك التيار إن سبب إحجام الحكومة الإندونيسية على الوقوف في وجه الجماعات الإسلامية التي يتزايد عددها على الدوام، هو خشيتها من أن تبدو غير إسلامية أو معادية للإسلام. ولكن نظراً لاكتشاف بعض المؤامرات الصغيرة التي طفت على السطح خلال العام الماضي، فإن الحكومة وجدت نفسها محشورة في زاوية ضيقة، مما اضطرها في الآونة الأخيرة إلى إعداد برنامج وطني واسع النطاق لمواجهة الإرهاب يتم من خلاله توحيد جهود عدد من الوزارات المختصة بالشؤون الدينية والتعليمية مع جهود جماعات ومنظمات المجتمع المدني، وبعض المنظمات الإسلامية المهتمة بالمشاركة في هذا البرنامج الذي ستقوده "وكالة مكافحة الإرهاب" الحكومية الإندونيسية. يبدي المحللون مع ذلك قلقهم من عدم قيام الحكومة الإندونيسية بالجهود الواجبة للتصدي للوعاظ المتطرفين وعدم تركيزها على مهام تخفيف درجة الراديكالية والتطرف في المجتمع، وكذلك على جهود إعادة التأهيل. حول هذه النقطة يقول "ديلا جيا جوما" من مجموعة الأزمات الدولية:"مازالت هناك حاجة لمزيد من التقييم لمعرفة ما يمكن أن ينجح، وما يمكن أن يفشل من تلك الجهود حتى يمكن تحقيق الأهداف المتوخاة منها". سارا شونهاردت جاكرتا – إندونيسيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©