الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الناتو» وخذلان تركيا في الأزمة السورية

«الناتو» وخذلان تركيا في الأزمة السورية
17 أكتوبر 2012
للمرة الثانية خلال خمسة أشهر، تلجأ تركيا لـ"الناتو" طلباً للدعم من أجل مواجهة الهجمات السورية التي أدت إلى مقتل مواطنين أتراك. ومن سوء الحظ أن الحلف الأطلسي قد استجاب في المرتين بالكلمات بدلاً من الأفعال. كانت المرة الأولى عندما أسقطت سوريا طائرة حربية تركية في يونيو الماضي حيث صوت الحلف بالرفض على الطلب الذي تقدمت به تركيا بفرض منطقة حظر طيران فوق سوريا وقام بدلاً من ذلك بإدانة الهجوم السوري"بأقوى العبارات". وكانت المرة الثانية عندما أدى قصف سوري بقذائف الهاون على الأراضي التركية إلى مصرع ثلاثة مواطنين أتراك. فعندما طلبت تركيا من "الناتو" الاجتماع لمناقشة الوضع على الحدود بين الدولتين اجتمع سفراء "الناتو" على عجل وأصدروا بياناً جديداً يدين الهجوم بـ"أقوى العبارات" أيضاً. إن "الناتو" بحاجة إلى تزويد تركيا بما هو أكثر من الوعد بـ"متابعة تطور الأوضاع عن كثب وباهتمام شديد"، وإلى القيام بالدور المنوط به بموجب ميثاقه، لأنه إن لم يفعل ذلك فسوف ينظر إليه على أنه منظمة تفتقد للإرادة السياسية لدعم الحلفاء حتى عندما يتعرضون لهجوم، وهو ما سيمثل ضربة قاصمة لمصداقيته. فضلاً عن ذلك، ليس من مصلحة "الناتو" خِذلان الدولة التي تمتلك ثاني أكبر جيش في الحلف، كما أنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة، ولا أوروبا تحمل حدوث صدع في الدولة الديمقراطية الإسلامية الوحيدة في الشرق الأوسط الكبير، والتي تتمتع بقيمة جيواستراتيجية، واقتصادية وثقافية لا نظير لها في تلك المنطقة. ولكن ما الذي يستطيع الحلف أن يفعله من أجل تركيا؟ لقد قيل الكثير بشأن استدعاء المادة الخامسة من ميثاق الحلف وعلى وجه الخصوص الفقرة المتعلقة بالدفاع المتبادل وهي فقرة لم يتم استدعاؤها أبداً خلال الحرب الباردة على الرغم من الأزمات العديدة التي اندلعت في سياقها.وكانت المرة الوحيدة التي تم استدعاء تلك المادة هي تلك التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر المروعة ضد الولايات المتحدة حيث قدم "الناتو" دليلاً محسوساً على تضامنه مع واشنطن من خلال إرسال سبع طائرات رادارية( طائرات إنذار ورصد محمولة جواً من النوع الذي يطلق عليه أواكس) بأطقمها المقدمة من 13 دولة من دول الناتو للمساعدة على حراسة السماء الأميركية. باستثناء تلك الحالة المنعزلة نجح الحلف الأطلسي في التغلب بنجاح على الأزمات التي واجهته من دون حاجة ،لاستدعاء المادة الخامسة من ميثاقه هو ما يرجع لأن أعضاء الناتو كان لديهم العديد من الخيارات التي يمكن لهم من خلالها مساعدة بعضهم بعضاً دون الاضطرار للجوء إلى الفقرة الخاصة بالدفاع المتبادل، غير أن هؤلاء الأعضاء يجدون أنهم قد يكونون بحاجة للنظر في هذا الخيار في الوقت الراهن. من الأمثلة على ذلك: قبل أن يقوم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بغزو عراق صدام حسين عام 2003، طلبت تركيا عقد اجتماع مع حلفائها بموجب الفقرة الرابعة من معاهدة الحلف، لمناقشة الكيفية التي يمكن بها للحلف مساعدة تركيا على ردع أي هجوم يقع عليها من جانب العراق. ويشار في هذا السياق إلى أن المادة الرابعة تسمح لأي عضو بطلب المشورة عندما يرى أن سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وأمنه عرضة للتهديد، وهو ما كان ينطبق على تركيا في ذلك الوقت. وبعد مناقشة وصفتها مصادر "الناتو" في ذلك الوقت -تأدباً- بأنها كانت عبارة عن "سجال حاد" وافق الحلف على العملية المعروفة بـ Display Deterrence والتي تعني (إظهار الردع) وهي العملية التي تم بموجبها اتخاذ خطوات دفاعية وقائية للحفاظ على أمن تركيا من أي مخاطر قد يتعرض لها جراء تداعيات الحرب في العراق. اشتملت تلك الإجراءات على إرسال أربع طائرات رادارية من طراز"أواكس" وخمس بطاريات صواريخ دفاعية من طراز باتريوت، بالإضافة إلى معدات أخرى للدفاع ضد الأسلحة البيولوجية والكيميائية. وقد قام أعضاء "الناتو" بنشر قوات عالية الكفاءة، متقدمة تقنياً قوامها 1000 جندي في المجمل للدفاع عن تركيا خلال الصراع في العراق. لقد استجاب "الناتو" على النحو المطلوب في ذلك الوقت بتلبية طلب المساعدة المقدم من تركيا وذلك من خلال إرسال مساعدات ملموسة بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات والبيانات الدبلوماسية كما يفعل الآن. وكان للإجراءات التي قام بها الناتو في ذلك الوقت تأثير إيجابي ومباشر على تركيا.ففي ذلك الوقت؟! شكر سفير تركيا لدى الناتو"احمد أوزومكو"الحلف على ما أبداه من تضامن مع بلاده وقال في تصريح له:"نحن مقتنعون بأن "الناتو" من خلال هذا الإظهار الجماعي والنشط للردع لم يقدم يد العون التي نقدرها لواحد من أعضائه في الساعة التي كان في مسيس الحاجة إليها، ولكنه أثبت أيضاً مرة ثانية مصداقيته وأهميته كركن ركين للأمن الجماعي في المنطقة الأوروبية- الأطلسية". وعلى الرغم من أن تركيا قد تعرضت لهجمات متعددة ولفقدان حياة عدد من مواطنيها بسبب الهجمات التي شنتها سوريا عليها إلا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان استجاب لهذه الأزمة من خلال إظهار قدر كبير من ضبط النفس والصبر والاعتدال، وهو ما كان محل ثناء من جانب عدد كبير من الأطراف المعنية. مع ذلك تقول بعض المصادر الدبلوماسية إن أردوجان قد أعرب عن استيائه من مستوى الاستجابة للطلب بمساعدة بلاده، واشتكى بأن تركيا قد تعبت من حمل كل هذا العبء بمفردها، وأن الآخرين يجب أن يقوموا بالدور المنوط بهم في هذا الشأن. لقد حان الوقت كي يقوم الناتو بإرسال دعم كاف لتركيا في الساعة الحالية التي تحتاج فيها للدعم بصورة ماسة. فالقيام بتعزيز هذا الحليف الذي يعاني من العديد من المشكلات بسبب تداعيات الأزمة من خلال إرسال عدد محدود من طائرات أواكس أو إرسال وحدات من قوات رد الفعل السريع التابعة للناتو سيؤدي لتقوية موقف أنقرة عسكرياً وسياسياً. كما أن ذلك سيرسل إشارة قوية لنظام الأسد في سوريا ولحلفائه يحذرهم من الإقدام على شن أي هجمات ضد تركيا. ومن خلال العمل والتصرف الآن يمكن لـ"الناتو" أن يبطئ من وتيرة المواجهة على امتداد الحدود التركية السورية، ويقلص من احتمالات تدخل تركيا بمفردها في سوريا. تركيا العضو المهم في "الناتو" تحتاج إلى هذه القدر الأدنى من المساعدة من حلفائها، بعد أن تعرضت قواتها المسلحة وتعرض شعبها لاعتداءات عديدة. لقد حان الوقت كي يقدم "الناتو" لتركيا ما هو أكثر من الدعم بالكلمات. جورج بينيتز زميل رئيسي في "مجلس الأطلسي" ينشر بترتيب خاص مع خدمة"كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©