الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ربيعة الجلطي: المثقفون العرب يعانون من التباعد بين المشرق والمغرب

27 فبراير 2007 02:03
لقاهرة - حلمي النمنم: الشاعرة الجزائرية ربيعة الجلطي أصدرت حتى الآن عشر مجموعات شعرية، كانت الأولى في عام 1981 بعنوان ''تضاريس لوجه غير باريسي''، وهي تحمل الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة دمشق، ورسالتها حول ''الأرض في رواية المغرب العربي''، وحسب قولها كانت أول سيارة ملغمة تنفجر في سنوات الإرهاب في الجزائر عام 1992 هي سيارتها، حيث فقدت ابنتها، وترتب على ذلك أن ترحل إلى باريس وتعيش فترة خمس سنوات، وأثرت هذه الفترة على نصها الشعري، وحاليا تعمل مستشارة لوزارة الثقافة الجزائرية، وتقوم بتدريس الأدب الحديث في الجامعة، وتدرس مقياس الترجمة بين العربية والإسبانية، حيث تدرب الطلاب على ترجمة النصوص بين اللغتين· قبل أيام حلت ضيفة على ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي، وألقت عدة قصائد وشهدت جلسات بحثية، وهناك التقتها ''الاتحاد''، وكان الحوار التالي: ''الوجه غير الباريسي'' ؟ ديوانك'' تضاريس لوجه غير باريسي'' يثير القضية عن علاقة الشخصية الجزائرية بالثقافة الفرنسية·· فهل نحن إزاء قضية عامة أم أمام تجرية شخصية؟ ؟؟ ليس هناك المعنى الشخصي أو الذاتي الضيق، ولكن حين صدر الديوان كانت قضية الثقافة الفرنسية مثارة بالجزائر، وكذلك مسألة التعريب والثقافة العربية، وقصائد الديوان يغلب عليها الطابع الوطني أو مسألة الوطن عموما، والاغتراب داخل الوطن، والقصائد ملتزمة وفيها من أمور الحياة التي يقابلها الإنسان العادي· ؟ الاغتراب داخل الوطن بأي معنى؟ ؟؟ قصدت اغتراب اللغة والثقافة، فقد كان هناك من لا يعترفون بالثقافة العربية ويتصورون أن الثقافة الفرنسية هي كل شيء في هذا العالم، وأن الابتعاد عنها نوع من التخلف والرجعية، وكنت أقاوم هذا الاغتراب، فإذا كان هناك الوجه الباريسي، فهناك أيضا الوجه العربي الجزائري· الإرهاب ؟ كيف عشت سنوات الإرهاب بالجزائر؟ ؟؟ أول سيارة ملغمة انفجرت في الجزائر عام 1992 كانت سيارتنا، وكانت ابنتي بها، وترتب على ذلك أن ذهبت وأسرتي إلى باريس في ضيافة البرلمان الدولي للكتاب، وعشنا هناك خمس سنوات كاملة، وكنا بين حين وآخر نتردد على الجزائر، وانعكست تلك الفترة على أشعاري، فتجد بها الحزن الشديد وقصائد محترقة ومتشظية، فقد كان الوطن كله يتعرض للحريق وأصاب التشظي المواطن الجزائري· ؟كيف انعكست تلك السنوات على الأدب الجزائري عموما؟ ؟؟ هناك تيار كامل استجد في الأدب الجزائري، هو ما يسمى ''الأدب الاستعجالي''، بمعنى أن هناك مجموعة من الكتاب ظهروا خلال تلك السنوات، وهم في الأصل لم يكونوا كتابا، معظمهم كانوا معلمين، خصوصا معلمي اللغة الفرنسية، وقد خرج هؤلاء إلى فرنسا وأقاموا بها خلال ما نسميه العشرية السوداء أو الحمراء، نسبة إلى السنوات العشر التي عشناها وقد تحولوا إلى كتاب· ؟ ما سمات ومعالم ''الأدب الاستعجالي''؟ ؟؟ هؤلاء أصدروا كتبا معظمها بالفرنسية وأحدثوا ضجة شديدة حولهم في دوائر الإعلام الفرنسية خاصة، وكانوا جميعا معتمدين على فكرة الإرهاب كموضوع لكتبهم، وكان ذلك هو موضوعهم الوحيد والمفضل، ولم يهتموا بطريقة الكتابة وتقنياتها وأسلوبها· المهم أن يكون الموضوع هو الإرهاب· ؟ ما مستقبل ذلك اللون من الأدب؟ ؟؟ بين هؤلاء الكتاب من توقف ومنهم من استمر ولايزال يكتب إلى اليوم، ومن توقفوا لم يعد لديهم الموضوع الذي يكتبونه· ؟ بعيدا عن الأدب الاستعجالي·· ماذا عن الكتاب الذين كانوا يكتبون قبل ذلك؟ ؟؟ تعمقت بعض التجارب وامتلأت وأنضجت الأحداث عددا من الكتاب الذين بدأوا من قبل، وهناك مجموعة كبيرة من الكتب خرجت ونشرت لكتاب جدد، وإذا كان هناك من نضج مع تلك السنوات فإن هناك من صمتوا ربما خوفا وقلقا أو عجزا، ولأن الجزائر تعافت وقلت الضغوط، ولم يعد هناك موضوع أمام الهواة ومن يبحثون عن الموضوع الكبير فقط، فقد اختفوا أو تراجعوا· ؟ اين موقع المرأة الجزائرية، وما الدور الذي لعبته خاصة أن معظم الأدبيات التي وصلتنا من الجزائر تتحدث عما تعرضت له المرأة من المتشددين؟ ؟؟ لولا النساء ما حسم الموضوع، النساء حسمن الموقف وقررن أن يكن حائط الفصل بين المجتمع والإرهاب أو الجماعات التي مارست العنف، وفي بداية المسألة كان هناك بعض التعاطف مع تلك الجماعات، وأثبتت المرأة أن ذلك التيار ليس في صالح الجزائر، وهنا تحول المجتمع إلى النقيض، كان المجتمع مترددا في البداية، واتجهت الجماعات إلى الانتقام من الناس ومن النساء تحديدا، فكان التحول، ولذا اتجهت الأمور في صالح الجزائر· ؟ ماذا عن المثقفين الجزائريين؟ ؟؟ المثقفون هم أصحاب اليد الطولى والبيضاء على الجزائر· هم الذين نبهوا ولفتوا الأنظار إلى خطورة جماعات الإرهاب وممارسة العنف، وقد تعرضوا لعنف كبير وبينهم من اغتيل أو أصيب في عمليات كان القصد منها إسكات صوت المثقف، وقد هاجر عدد من المثقفين إلى فرنسا أو إلى عدد من البلدان العربية، وهم في هجرتهم لم يصمتوا بل واصلوا الكتابة والإبداع وشرحوا صورة ما يحدث جيدا· ؟من خلال دراستك العلمية لمفهوم الأرض في الأدب الجزائري، ماذا تعني الأرض وما دلالاتها في الأعمال الإبداعية؟ ؟؟ هي العرض والمستقبل والتاريخ، وهي أيضا الوطن، ويمكن أن تكون رمزا للحبيبة، وقد وجدت أن مفهوم استرجاع الأرض محوري في الأدب الجزائري بمختلف مراحله· ملتقى القاهرة ؟ شاركت في ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي، ما دلالة انعقاد هذا الملتقى؟ ؟؟ نحن كمثقفين نعاني التباعد بين المشرق والمغرب العربي وهذا التباعد أمر سلبي، وهناك انقطاع حقيقي بيننا، ولا نعرف بعضنا ككتاب، ولا يتم تبادل الكتب والإنتاج الأدبي بيننا، وأظن أن هناك بعض النوايا تريد ذلك رغم أنف المثقفين والشعوب العربية، بل وحتى رغم أنف الأنظمة العربية أيضا، وهذا ليس في صالحنا، كل الدول العربية صفحات كتاب هو العالم العربي، وكل ورقة خارج الكتاب تهمل وتبلى ثم يندثر الكتاب نهائيا، وهذا ما يجب أن ننتبه إليه، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، ومصر هي التي جمعتنا من كل أنحاء العالم العربي، ونريد للدور المصري أن يقوى، ونريد الريادة المصرية أيضا، ولكن بدون مركزية، مصر هي الإسمنت للعالم العربي، كي يظل ذلك الوطن قويا ومتحدا، وهذا ليس بصعب ولا بمستحيل· ؟ كيف تحكمين على استقبال الجمهور لقصائدك بالأمسية؟ ؟؟ هذه أول مرة ألقي شعرا على الجمهور المصري، ولم أفاجأ بالحشد الكبير ولا طريقة الاستقبال، فهو جمهور حاضر وذكي ومتذوق جيد للشعر، وأظن أن ذلك الاستقبال يقطع التساؤلات التي يثيرها البعض عن تراجع الشعر، فما زال للشعر جمهوره، وما زال للشعر دوره في حياتنا العربية، وأظن أنه سيبقى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©