السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

حوار الأديان يواجه التشدد الديني

حوار الأديان يواجه التشدد الديني
16 فبراير 2017 23:30
حسام محمد (القاهرة) جددت الاعتداءات التي تعرض لها المسلمون في عدد من دول الغرب، مؤخراً، الحديث عن أهمية التواصل بين أتباع الديانات السماوية الثلاثة وإيجاد آلية لمكافحة التشدد والتطرف، خاصة في ظل تحول معتنقي هذا النوع من الفكر لسلوكيات عنيفة تهدد الأمن والسلام في المجتمعات الإنسانية، منها اعتداءات على المساجد في كندا والولايات المتحدة وعدد من العواصم الأوروبية. والمتطرفون من التنظيمات الإرهابية التي ترتدي عباءة الإسلام تستهدف غير المسلمين والمسلمين بعمليات منظمة، الأمر الذي يستدعي وجود طريقة ناجحة وسريعة لوأد التشدد ونشر قيم السلام بين البشر. الإرهاب لا دين ولا وطن بداية يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق إن ما يتعرض له العالم اليوم من موجات عنف يشنها قلة من أتباع الأديان، سواء الإسلام أو غيره من الديانات السماوية، بل والوضعية أيضاً، يؤكد ما سبق وأشار إليه علماء الإسلام، بل وساسة العالم أيضاً، أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وهو ما يعني ضرورة تضافر جهود كل الناس باختلاف دياناتهم ومذاهبهم لمواجهة آفة التشدد. ويرى أن مؤتمرات حوار الأديان لابد أن يكون لها دور مهم وفعال في هذا الشأن، فلابد أن يعي كل إنسان مهما كان دينه أو معتقده أنه لا تعايش ولا سلام إلا بالاعتراف بالتعدد والتنوع وحق الاختلاف وتنظيم إدارته سلمياً، وأن مشكلات العالم اليوم كثيرة، ولكن في طليعتها التطرف الديني، وهي أكبر فرع من فروع الاستبداد بالرأي وادعاء امتلاك الحقيقة الدينية والانفراد بها وتكفير من لا توافق على فكره وهو أمر ترفضه الأديان السماوية جميعها والإسلام في طليعتها، حيث يقول الله تعالى: «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَ?كِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» «النحل: 93» أي أن الاختلاف سنة إلهية، فلماذا يرغب البعض في تغيير تلك السنة، ومن هنا تكمن أهمية التحاور بين قيادات وشيوخ وعلماء الأديان لإيجاد أرضية أو مساحة للعيش المشترك، ولو نجحت المؤتمرات في تحقيق المرجو من ورائها فسوف تختفي ظاهرة التشدد الديني تماماً، وتشهد الإنسانية عهداً من التعايش. ومن هذا المنطلق حسبما ذكر فضيلة الشيخ عاشور، لابد أن تشهد مؤتمرات ولقاءات حوار الأديان مزيداً من النشاط والتفاعل، بحيث تخرج برؤى واضحة تصل لدوائر صنع القرار في كل أنحاء العالم، وتتوقف الأفكار المتشددة عن الوصول للشباب هنا أو هناك، ولابد أن يدرك الجميع أن التشدد يقود نحو نتائج عنيفة تؤدي في النهاية إلى التصادم والتحارب، إضافة إلى أن المتعصب المتطرف يقتنع بأفكاره بشكل مطلق ويحتكر الحقيقة لنفسه ويرى الآخرين دوماً على خطأ دون الرجوع إلى أحكام الحوار والنقد، ولقد اتفق أكثر علماء الأديان على تحريم التطرف والغلو بجميع صوره وأنواعه، ولمواجهة ظاهرة التطرف الديني علينا نشر ثقافة التعايش والسلام والقيم الرشيدة التي تدعو إلى التراحم والتسامح والمحبة والتعايش والإخاء، والعمل على مواجهة ثقافة الفتنة والتطرف عبر إجراء تحليل معمق لظاهرة التطرف والإرهاب، تمهيداً لاقتراح سياسات ثقافية فعالة صالحة للتنفيذ في كل دولة من دول العالم، حيث تكون قادرة على مواجهة هذه الظواهر على المدى الطويل، بالتأكيد على ثقافة قبول الرأي والرأي الآخر. التحاور الإنساني أما الدكتور حامد أبوطالب عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، فأوضح أن الأحداث الأخيرة تؤكد الحاجة الماسة لتفعيل التوصيات التي تخرج عن مؤتمرات حوار الأديان، ولابد من أن يدرك العالم كله مدى الحاجة إلى التحاور الإنساني بين علماء الأديان لوأد التشدد، الذي عرف طريقه لبعض الشباب، وانعكس في صورة أعمال إرهابية يتبرأ منها كل العقلاء. وقال: نحن كمسلمين نعي جيداً أن هناك ما يجمعنا بكل البشر وهو الأخوة الإنسانية، وبالتالي من المهم أن يكون هناك تفاهم بيننا وبين أتباع الأديان الأخرى حتى ولو كانت أدياناً وضعية، حتى نوضح لهم حقيقة إسلامنا، ونفند ما يلصق به من اتهامات ظالمة روج لها أعداء الحوار من أنصار نظرية صراع الحضارات والأديان الذين يعملون على إشعال الفتن بين البشر، ولهذا فإننا من أنصار الحوار بشرط أن يكون جاداً ومفيداً في تعريف كل طرف لنفسه ومعرفته بالآخرين والاتفاق على العمل المشترك لتطبيق المبادئ الإنسانية التي تتفق عليها الأديان مثل العدل والمساواة ونصرة المظلوم ومساعدة المحتاج، ولابد أن يتم العمل على توصيل القيم الإنسانية السمحة لأتباع الديانات السماوية في كل مكان، ولا يتوقف الأمر عند اعتراف القيادات الدينية بأهمية التعايش، فلابد من وصول ذلك المفهوم للأطفال والنشء في ربوع العالم حتى تخرج أجيال تنبذ العنف وتساهم في إقامة السلام والعدل. ويضيف د. أبوطالب: لابد أيضاً أن يساهم حوار الأديان ليس في نشر التسامح فقط، ولكن أيضاً في تحقيق التعايش بين بني البشر، بمعنى أن أقبل الآخر ويقبلني، أسمعه ويسمعني، أفهمه ويفهمني لا أتصادم معه، فلابد من التركيز على القيم الإنسانية النابعة من الأديان وكلها تحتوي على قيم تحث على التعايش والتسامح والقيم العليا، وعلينا أن نبث تلك القيم في مناهجنا الدراسية في الشرق والغرب، والحمد لله فالدين الإسلامي فيه من التسامح وقبول الآخر ما يبني إنساناً يستطيع أن يتحاور مع الآخر بشكل حضاري، وعلينا أن نقدم للمجتمع إنساناً يفهم دينه بشكل صحيح ولديه قاعدة ينطلق منها للمحاورة بفهم وموضوعية وحضارية. نصر فريد: يجب علينا الحوار الفعال لمصلحة الإنسانية أكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن المسلمين ليست لديهم أي عقد نفسية أو حساسية تجاه الحوار مع الآخر، وهذا لم يأت من فراغ وإنما من نصوص شرعية كثيرة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم طبق ذلك عملياً، حيث عقد صلحاً مع يهود المدينة، واتفق معهم على الدفاع عن المدينة التي كانت تجمعهم سوياً، ولم يخرجهم منها إلا بعد غدرهم، وفي الوقت نفسه، أجرى حوارا مع نصارى نجران في مسجد الرسول مما يؤكد التسامح الإسلامي، وليس مطلوباً من المشاركين في مؤتمرات حوار الأديان وضع حلول سحرية وفورية لكل مشاكل العالم، وإنما يكفيهم شرف المحاولة وتوضيح الحق للقادة وصناع القرار لمواجهة المشكلات المشتركة، وهذا يعد من التعاون الذي امتدحه القرآن في قوله تعالى: «وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» ومن هنا فلابد أن يعي الغرب قبل الشرق أهمية لتعاون المثمر بين الأديان من خلال الحوار الفعال لمصلحة المجتمعات الإنسانية، حيث يمكن للحوار أن يساهم في مواجهة التطرف الديني، وهي مشكلة عامة تواجه كل الأديان الحية، فقد انتشرت ظاهرة التطرف الديني وما يصاحبها من تشدد وتزمت وإرهاب وعنف في كل المجتمعات تقريبًا. ويشير الدكتور واصل إلى أهمية أن يكون الهدف الأساس من الحوار بين الأديان أن نظهر البعد الحضاري والإنساني والمعتقد لكل دين، كما ليس الهدف أن نقنع الآخر بديننا ولا يقنعنا بدينه، المهم أن نتحاور لنتعايش بسلام ويقبلني وأقبله، وأن يعم السلام والسلم ويعيش الإنسان بأمان، بحيث ننطلق جميعاً من منطلق الإيمان بأن الحوار بين أتباع الديانات والحضارات، وتعميق التفاهم والتعايش بين الأمم، هو السبيل لتحقيق السلم العالمي والوصول إلى التعارف والفهم المتبادل، والبديل الأمثل في مواجهة الغلو والتطرف ودعاة الصراع بين الحضارات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©