الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الدومينو» مسك ختام «مهرجان دبي لمسرح الشباب»

«الدومينو» مسك ختام «مهرجان دبي لمسرح الشباب»
27 أكتوبر 2013 00:54
اختمت فعاليات “مهرجان دبي لمسرح الشباب” بعرض مسرحية “الدومينو” من تأليف طلال محمود، وإخراج الشاب مروان عبدالله صالح، وإنتاج “مسرح دبي الأهلي” مساء أمس الأول، على مسرح “ندوة الثقافة والعلوم” في دبي. المسرحية تتناول ذاك السؤال السحري، الغامض أبداً، وإجابته التي تبقى في الغالب أكثر غموضاً. أي كيف كان فلان من الناس؟ وكيف صار؟ أنت، وأنا، والآخرون يعرفون ماضيه في اللهاث وراء أي شيء يتكئ عليه، مثله مثل ملايين الآخرين العاديين، أو المهمشين. ولكن بغمضة عين وانتباهتها يصير من الحيتان الطامعين ليس بالثراء أو الجاه فقط، وإنما بكل شيء، حتى كرسي السلطة، كما هو الحال مع بطل مسرحية “الدومينو”، الذي لم نعرف له اسماً في العرض، حيث يبدأ متوسلاً الحصول على نجمة واحدة في السلم الاجتماعي. غير أنه قبل نهاية العرض صار مكللاً بالنجوم، ويريد المملكة، وأخت الملك دفعة واحدة، أما كيف حصل ذلك؟ فلا نرى واقعة معينة تدل على هذا الأمر، سوى الشعارات، التي يطلقها لنيل تأييد شريحته من المهمشين، وذاك هو أسلوب المعالجة، التي اختارها المخرج، إلا أن العرض بدأ مقنعاً، لجهة توضيح الصورة كاملة. فانتازيا باذخة من دون شك، أن معرفة البداية تغوي الجميع، ويتلهف معظم الناس لتقصي حقيقتها. ولكن من دون طائل، إلا بحدود ما يجود به المعني بالسؤال. وفي الغالب الأعم تبقى أكثر غموضاً من السؤال عينه. إنها ببساطة حكاية النفعي، أو الانتهازي، الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، كما يقولون. وهي مشكلة ليست إماراتية أو خليجية فقط، وإنما عربية بامتياز. كما أنها ليست بجديدة، وإنما قديمة، وربما تكون بقدم السلطة. ومع ذلك يبقى السؤال الأكثر حيرة. كيف لمسرحي، أن يتصدى لمثل هذه الموضوعة، التي تنطوي على صعوبات وعقبات شتى، ليس أقلها عيون الرقيب، التي لاتنام، حسب تعبير كاتب النص طلال محمود، خلال ندوة مناقشة العرض. ليس هذا فحسب، وإنما كيف لمخرج شاب أن يقدم على هذا العمل، في إطار تنافسي مع الآخرين، ضمن احتفالية تقتصر على النخب الفنية والإعلامية بالدرجة الأولى، كما هو الحال في “مهرجان دبي لمسرح الشباب”؟ وماذا لديه من معالجات سحرية، لمشكلة هي بالأساس مغلفة بالغموض، ناهيك عن المحاذير، ليقولها أمام جيل المخضرمين من الفنانين والنقاد والأكاديميين والإعلاميين؟ في الواقع، فإن المخرج باغت المتلقي بالالتفاف على تساؤلاته وحيرته بمدخل ذكي وجذاب إلى أبعد الحدود، على مستويات عدة: بداية، اختار المخرج مروان عبدالله صالح إطاراً فضفاضاً، لإسقاط اللعبة المسرحية بشخصياتها وأحداثها، في إطار مفتوح لكل التأويلات والاحتمالات، سماه “الدومينو”، حيث المغامرة أو المقامرة، تذهب إلى أبعد مدياتها. واستهل العرض بلعبة فانتازية باذخة، لتحميل الموضوع على أكتاف التاريخ، حمال الأسايا، أو “شيال” كل ما يضيق به صدر الرقيب. كذلك قدم لوحات مشهدية استعراضية باهرة، سواء على مستوى التنسيق بين مجموعات، بدت كبيرة للغاية ـ قياساً بالأعمال السابقة ـ أو على مستوى الإيقاع المحكم، بتناغمه الجميل مع الموسيقى والإضاءة والديكور، أو السينوغرافيا عموماً. وجعل شخصيات المسرحية تقوم مقام حجارة الدومينو، وبيد كل منها إطار مستطيل، كناية عن الحجر الذي يمثله، من دون أن يتخلى عنه جميع الممثلين، الذين بلغ عددهم ثمانية وعشرين شخصاً، منذ بداية العرض حتى نهايته. صراع السلطة والعشق وراحت تتوالى المشاهد، والتابلوهات الاستعراضية بحوار مسجوع أحياناً، مستعرضاً حالة الصراع على السلطة والعشق وأشياء أخرى، حسب تعبير الفنان المسرحي عمر غباش، خلال ندوة مناقشة المسرحية، معتبراً أن الرؤية الإخراجية واعية للنص، ما جعل العرض يتماسك فنياً من البداية إلى النهاية. ولفت غباش النظر، إلى قدرة المخرج غير العادية في قيادة وضبط هذه المجموعة الكبيرة من الهواة، الذين يشاركون لأول مرة في التمثيل، حيث لايوجد بالعرض سوى خمسة محترفين فقط. يمكن القول إن مسرحية “الدومينو”، هي بحق مسك الختام، ومرشحة بقوة لحصد الجائزة الأولى في المهرجان، خصوصاً لجهة كونها شبابية بالفعل على كل المستويات، بدءاً من الموضوع وأسلوب المعالجة إخراجياً، وصولاً إلى السينوغرافيا الباهرة. بعكس المسرحيات الأربع السابقة، التي لاتمت إلى مفهوم المسرح الشبابي بصلة، سوى كون الممثلين أو المخرجين هم أقل من سن الخامسة والثلاثين، حسب شروط المهرجان. فرعنة زائدة ومع ذلك يرى الفنان الخليجي غانم السليطي الذي أدار الحوار، خلال ندوة تقييم المسرحية بحضور المؤلف والمخرج، أن العرض اتجه منذ البداية إلى ما يمكن أن نسميه عنترية زائدة، أو فرعنة مبالغ فيها. ورغم ذلك قال السليطي إن المسرحية متعوب عليها، بالمعنى الاستعراضي، حيث اعتمد العرض على الموسيقى الجميلة، ولكن كان أولى بالمخرج أن يتجه بالإيقاع بما ينسجم تصاعديا مع مشاهد العرض المتوالية، بينما في الواقع لاحظنا أن الإيقاع بدأ عاليا، وأخذ يخفت أحياناً، أو على الأقل لم يرافق الأحداث الدرامية بالتصاعد. كما لاحظ السليطي، غياب التناغم بين العرض بشكل عام، وبين أداء الممثلين، وخصوصاً مع البطل، الذي بدا في بعض المشاهد، وكأنه يجلس في البيت ويتكلم، علماً أن العرض هو تجريد بمعنى من المعاني. وأضاف السليطي أن الحوار في العرض قام على المباشرة بالخطاب، وجماليات اللغة المباشرة مهما كانت عالية، لاتذهب بالمتلقي إلى مناطق أخرى. وختم الفنان غانم السليطي، بأن مقولة المسرح التجريبي أضرت بالمسرح العربي، إذ يفترض أن يسمى مسرح الخبرة، بحيث يبدأ المستجد بتراكم الخبرة بعدها يجرب ما شاء التجريب، ليقدم الجديد المغاير أو المختلف. المغايرة بالرؤية من جهته، قال المخرج مروان عبدالله صالح رداً على بعض الملاحظات، أن الهبوط بالإيقاع فُرض على العرض، حيث طلبت لجنة الإشراف والمتابعة، إضافة استعراضين آخرين، إلى ما كان مقرراً، ما حتم القطع والعودة لمرتين متباعدتين، وهذا زاد من مدة العرض، الذي كان يفترض أن لا تزيد مدته عن خمس وثلاثين إلى أربعين دقيقة. أما بخصوص العرض الذي لم يكن مغايراً أو مختلفاً بموضوعه. فقال المخرج الشاب إنه لا يريد أن تموت مشاعره، وهو يرى الخراب من حوله، على كل المستويات، ومن ثم فهو يرى أن المغايرة تكون بزاوية التناول للموضوعات، وليس بالموضوع عينه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©