هناك أمور كثيرة مع المرأة وتقوم بها المرأة، لا يمكنك كرجل أن تفهمها، وإذا ما فهمتها لن تستوعبها، وإذا جادلت بشأنها ظهرت أنت المغلوب، فالخير إذاً أن تمشيها كيفما هي، ولا تشعر تجاهها بأي غبن، مثل أن تظل الحرمة تزاحم وتراكم ثيابها في خزائن البيت، حتى تصل إلى خزانتك اليتيمة، وتبدأ في احتلالها أولاً بثوب سهرة، بعدها بعبايتين من الغاليات، بعدها تدعس ثيابك إلى زاوية الخزانة، تلك المنطقة المظلمة منها، لتشعرك أنها أغراض رجل مسافر، ويشك في عودته سالماً، كل ذلك وهي تتوسع في احتلالها، وبناء مستوطنتها، حتى تجبرك أن تشتري خزانة بلاستيكية لك من سوق الميناء، مثل سائق يعمل معك تحت التجربة، وغير راض عن أدائه، لكنها ما أن تدعى لأي فرح أو حفلة، حتى تبدأ بالشكوى أنها ليس لديها فستان يليق بالمناسبة أو فستان جديد لم ترها صاحباتها به من قبل، وهذا معناه أمران، الأول شراء فستان جديد ولوازمه بطريقة مهذبة، الأمر الثاني توسيع مستعمراتها الخزائنية في البيت، ولو حاولت أن تقنعها بالتبرع بالفساتين التي رأتها صويحباتها في مناسبات مختلفة، فستنظر لك بعين عدم الرضا، وسترد: بخليه لبنتي لحين تكبر! بس البنت في الابتدائية! غير أن جوابها حاضر: ترا البنات يشبّن بسرعة، فديتهن.
شوف الحريم قبل أي حفلة، وشوف أفعالهن، يوترن الذي لا يتوتر، مسببات لك لوعة في الكبد من الانتظار، ومن المشاوير، ومن المصروفات غير المدرجة في حسابات الشهر، والسبب أن لديها عرس ربيعتها، لذا تجد الواحد من أزواج اليوم إن طرت له حرمته حفلات الأعراس ثلاث مرات في الشهر يغيب عن الوعي حتى نهاية الشهر، ويستدعي استخدام مضادات حيوية قوية لالتئام جروحه الشهرية، ويظل الواحد منا متعجباً من تخشب حرمته وهي في السيارة ذاهبة للعرس، كل شيء فيها جامد، ولا تتحرك حتى تكاد أن تأوي عليها من التشنج العضلي أو تنمل الأطراف أو من إغماءة مفاجئة، والسبب التسريحة والمكياج، والمسكارا والمسامير المرزوزة في الرأس، خاصة إذا كان العرس في دبي وإلا العين، طبعاً في طريقنا بنمر بمطبات في الطريق، وهذه المطبات أنت لا لك خص ولا دخل فيها، وخاصة المطبات الصغيرة والعصّة التي تشبه «جيك» صغير، تجدها ترفع السيارة بعنف، ولو كان عندك «الهيدروليك» مركب جديد، المهم ما بتسلم من ضيق وتأفف، وربما مسبة نسائية داخلية غير معلنة، ولكنها تصلك بسخونتها حد خلف رقبتك التي ما تزداد. 
المهم.. وصلت النسوة إلى قاعة الأفراح، فجأة دبّ فيهن نشاط غير عادي، وأظهرن السعادة التي كنّ يخفينها عنك طوال ساعتين من السواقة، ونزلن يتخطرن داخلات من غير شكر، وكأنك سائق راتبه ألف وخمسمائة درهم مع السكن، فقط تسمع منهن تلك العبارة الموحدة: ها.. كيف حلوة؟ إن شاء الله ما اخترب المكياج، ولا تكفس فستاني! وينزلن يخبّن مثل العاديات في أول السباق، وبعد ساعات من الانتظار وبعد منتصف الليل، وانتهاء الحفل والرقص والتصوير، وبعد ذلك الجهد الجهيد الذي عملنه في الحفلة، وكنّ خلالها ناشطات فاعلات ومتفاعلات وآكلات ونمامات وناقدات ومنتقدات، يخرجن من تلك القاعة وكأنهن أسيرات حرب خاسرة، التي تحمل كعبها في يدها وتشتكي، والتي ترفع فستانها وتدعي على صاحب المحل، والتي تدعي على «توني الكوافير» والذي لا تجوز عليه الدعوة لأنه بذل جهداً مضاعفاً واشتغل في الوقت نفسه نجاراً وحداداً وصبي ورشة كراج من أجل تحسين الهيئة، يركبن السيارة عائدات وكلهن يتوجعن مثل الحوامل في الأشهر الأواخر، إلا وجع أقدام، وتنمل في الأطراف، ووجع ظهر، وصداع فظيع، وأجساد متبريدة، وكل واحدة منهن تقول: هذا من عيون اللي ما صلنّ على النبي والله، الله يجيرنا! ناسيات ذلك المضمار وما أبلين فيه ليلتها من بلاء حسن يعجز عنه أكثر مصارعي «السومو» مهارة!