منذ فجر التاريخ والإنسان يسعى ليبقى، ويعبر المضيق ليصل إلى المحيط.
هناك من توقفت عجلة مروره، فاندثر، وتوارى خلف ركام عجزه، وقصوره، وذبول أوراق أشجاره، وهناك أيضاً من استمر، وواصل الصعود، ولم تتوقف مروحة التكييف عن الدوران، مما جعله يشمخ، وتعلو قامته، وتستقيم، وهناك من كان في مؤخرة الصفوف، ولكن إلهام القيادة، وقوة القصيدة في ضميرها، جعل من الوطن طائر حلم الأبدية، لا يرخي جناحاً ولا يسكن إرادة، هو ذلك الطائر دائم التحليق، أبدي التغريد، مفعم الغناء، منسكب في الوجود كأنما هو الشعاع، مندمج في الحياة كأنما هو الجمال، في محيا الأسطورة.

الإمارات في الوعي كتاب مفتوح، سطوره تبلغ الناس أجمعين عن أن الكون مفطور بالإبداع، ولكن هناك من ضل الطريق، فتقاعس، ويئس، وانحدر، واندثر، وهناك من استنار بمصابيح الصدق، والإخلاص، فاستطاع أن يكمل المسافة ما بين الحلم والحقيقة، وتمكن من الإمساك بطرف الخيط، والذي بدوره أشار له بالبنان، بأن المجد هناك، وعليك أن تطوي عباءة الزمن، وتمضي في المسير لكي تحظى بما تؤول إليه كل النجاحات.
هكذا فعلت الإمارات، فمن الصحراء الصفراء، انبجست هذه السامقات، الباسقات، وطالت الفكرة اللميعة عنان السماء، حتى لامست الغيمة، فانهمرت الأمطار، وجرت الأنهار، وغنى الطير شادياً، مترنماً، ومتناغماً، منسجماً، مع سيمفونية الغناء الجماعي، حتى طوحت الأشجار أغصانها، ومالت، وسالت دموعها شجواً، واكتسى الوجود شالاً من مخمل الفرح، وانهالت مشاعر الآخر، جذلة، تبحث عن مآل في هذا الحضن الدفئ، وتسأل عن المبدع، الذي رصع القلائد على نحر الوطن، وصفف خرز اللآلئ عند جيد، وقيد، وصارت الإمارات بين العالمين، خيل السباق الأول في ميادين المعرفة، صارت الإمارات، طوق النجاة لكل من يبحث عن مآل آمن، ومستقر، ولكل من يسأل عن مبتكر يعلو كعبه في مضامير المهارات الفائقة.
«عندما تطوف بأطراف الديار المنعم» تشعر بالفخر الذي يطوقك، ويطويك في شرشفه الحريري، ويضمك، ويلمك، وينعم عليك ببهجة الدنيا، وسرورها، وحبورها.
تشعر بأنك في مكان أقرب إلى الجنان، كونك تعيش في عصر قيادة ملهمة، وتقود العالم إلى مناطق أبعد من النجوم.