أفكر اليوم في إجازة نهاية الأسبوع الجديدة التي لم أستطع حتى الآن التوازن والتواؤم معها، ولعل الكثيرين غيري لديهم الشعور ذاته، وإن كنا نحاول جاهدين التعود عليها والدخول فيها بطقوسها المختلفة في أيامها المختلفة، ولا أخفيكم شعوري بأن الأيام بعد سن قرار الإجازة الجديد أصبحت متسارعة، وتمضي بعجل، ولا أعرف الأيام إلا بعد التيقن والتأكد، فيوم الخميس الذي كان في نهاية الأسبوع أصبح في وسطه، وبالتالي كثير من طقوس أيامنا وإجازاتنا الآن غدت غريبة علينا وعنا، خاصة إجازة نهاية الأسبوع التي هي استراحة المحارب الراكض واللاهث خلف عقارب ساعات أيامه المتسارعة، ولا يدري متى يتوقف، وأين يمكن أن يتوقف، يصعب عليه كيف يقضيها، قد يختار النوم الكسول، والفطور الكسول فيها، قد يهرب من المدينة إلى الأرض الفضاء والخلاء، قد يغير المدينة بمدينة، قد تسرقه عواصم محببة لقلبه، ولو لأيام، قد يضم قبلاً لأصدقاء الطفولة والمدرسة ويلتقيهم في تلك الإجازة، قد يكون أباً حقيقياً آخر الأسبوع، لأبناء ترهقهم ساعات المدرسة الطويلة على عظامهم اللينة، ولا يكتحل بمرأى وجوههم إلا لساعات متقطعة، لا تشبع جوع الأب، قد يختار عطلة نهاية الأسبوع للنفس المرهقة والمتعبة، فينزوي في مقهى لنفسه أو يفرح روحه بمشاهدة فيلمه المفضل في تلك القاعة المظلمة الباردة، إجازة آخر الأسبوع هي لغير المسافر دوماً وأبداً، شيء له قدسية المكان الأول، والمدينة الأولى والأهل الطيبون فيها، لذا جل إجازة الأسبوع عندي، إذا لم أكن على سفر، هي في مدينة العين، وهي عادة منذ كنت أدرس في أبوظبي خلال المراحل الدراسية غير الجامعية، دائماً ما تكون الجمعة في العين، وهكذا أحاول الآن قدر الاستطاعة ومغالبة الظروف، حيث تلتقي العائلة الكبيرة في البيت الكبير حول غداء الجمعة بعد طقوس الصلاة وما يسبقها وما يتبعها، يلتم الأبناء حول الأم وأحفادها وأبناء أحفادها وأقربائها في ما يشبه الغداء الجماعي المتأخر  «الهيور»، هو بمثابة تقديم أشياء جميلة لتلك المرأة التي لا تتعب من الحب، شكراً ومودة، وعرفاناً، وإدخال شيء من الفرح لقلبها، والدفء لنفسها، نهار  لقاء الجمعة يتقاسمه مجلسان، مجلس للرجال، ومجلس للنساء، ويستمر ربما اليوم بطوله حتى المساء، وحتى تبدأ عينا الأم في استدعاء سِنة النوم التي تأتي مبكرة، ومتقطعة في عمرها، ليته يطول ويدوم.
من متع الإجازة الأسبوعية التي أحرص عليها، وألزم أبنائي بها، أن يذهبوا لمشاهدة فيلم في قاعات السينما يتناسب مع أعمارهم، وينمي إدراكهم، ويوسع من خيالهم، ويزودهم بثقافة معرفية لن يجدوها في كتب المدرسة، بعد السينما يمكن أن يلعبوا كيفما شاءوا، ونختم مساء الإجازة الأسبوعية بعشاء في مطعم يحبونه، هذه طقوس إجازة الأسبوع، لكن هناك إجازات لا تنسى، وتكون مختلفة، ومميزة حسب الظروف والمستجدات وأفراح العائلة الصغيرة أو الكبيرة، الآن إجازة الأسبوع رغم أنها طويلة، إلا أنني أشعر أنها في غير محلها، ولا قادر حتى الآن أن أتقبلها بفرحها السابق.