كلمات وقعت في القلب، موقع السيف على الجرح.
كلمات قالها الإعلامي الرائع يعقوب السعدي «نوصيكم بالعراق، يا أهل العراق»، هذه أجمل وصية يستحقها العراق، وتستحقها ماجدات العراق، ونخلة العراق، وفراته، ودجلته، وكل شبر من أرض العراق العريق.
حقيقة تدمع العين، ويهتف القلب منادياً، لبيك يا مشاعر الأحبة التي طرفت بمهج العشاق، وأشواق الذين انكسرت راياتهم بانكسار إنسان العراق، وسقوط نبوخذ نصر في أوحال شط العرب الذي لوثه، الشطط والغلط واللغط.
اليوم ونحن نشاهد هذه الكفوف وهي تصفق لأجل الفوز بوحدة الضمير الخليجي، والحناجر التي تهتف حياكم في بشرتكم، وأهلاً وسهلاً بكم في بلدكم العراق.
مشاهد أدمت القلب، وشخبت الروح، وأرهقت النفس، مشاهد طالما انتظرناها منذ عشرين عاماً ونيف، واليوم عندما تزدهر نخلة البصرة بأعلام الدول الخليجية تبدو الحياة في عيوننا كأنها الوردة البرية التي تزهو بالندى وهو يداعب خدها اللدن، وثلج قلوب الحادبين في دروب الله، منتمين إلى عشق الجمال في قلوب من سئموا إدانة الذات وملوا شجب العقل وما كاد به به من معطيات التألق في سماوات الأحلام الزاهية.
اليوم ونحن لا نتابع المباريات، بقدر ما نمارس رياضة التدفق في جداول الذين رحبوا بأشقائهم وفتحوا منازلهم سكنى لضيوفهم القادمين من جهة الضلوع، القابضين على حب العراق كحبهم لأوطانهم.
اليوم ونحن نتأمل تلك اللوحة التشكيلية التي رسمتها الأم العراقية وهي تلوح بأعلام دول الخليج، وذلك الشاب الذي يقبل أعلام الخليج ويطبع لثمة على فضاء يؤدي إلى جنوب البصرة، تلك مشاهد افتقدناها لزمن، واليوم تعود، وما فاه به الرائع يعقوب السعدي حرك في النفس مواجع، وبعث في القلب رسالة مفادها بأن العراق كالنخلة يحيى ويموت واقفاً لا ينحني له جذع، ولا تنثني له قامة، لأنه فقط العراق، ولأنه الذي أنجب السياب والبياتي، وهو الذي عزف على قيثارة ناظم الغزالي، وغيرهم من نوابغ العراق.
اليوم تشدو في نفوسنا بلابل الفرح ونحن نسمع الأناشيد ترتفع عالياً من أجل الخليج العربي، من أجل مستقبل بلا حروب، ولا كروب، مستقبل يزهو بوجوه المتفائلين.
اليوم وفي هذا العرس الخليجي، نشعر بأن ما عبر عنه أبناء العراق، لهو الوسم الذي به تبرز ملامح الإنسان الخليجي، وهو الوشم الذي يضعه كل شخص يعيش على ضفاف خليجنا، وينتمي إلى مياهه التي لم ولن تلوثها مكعبات اللهو النفسية، ولن تغبشها مراوغات العقل المؤدلج خرافياً، ولن تعرقل مسيرتها محكات اللغو، وسرديات الغبن، ولعنة إبليس.
دول الخليج ماضية في شفافية التعاطي، مستمرة في سقيا الحب، منهمرة كشط العرب، في إرواء السنين، لكي تذهب الغصون إلى أعطاف السماء العالية، ولكي تخفق القلوب دوماً، بحب الحياة، وحب الآخر، والانتماء إلى وجود واحد، لا تفرقه مشارط القيم البالية، ولا تمزق قميصه من دبر ضمائر أجلت صدقها إلى إشعار آخر.