عبيد الرميثي من أطفال اليوم، ببراءة الصغار، طلب لي أن أكتب قصة حياته، سألته ماذا سأكتب عن حياتك؟، قال أنت تعلم عني الكثير، فاكتب كل ما تعلمه، فعدت بالذاكرة حين كنا نحمل دفاتر صغيرة في المدرسة، ليكتب لنا بعض المدرسين انطباعاتهم عنا في كل مرحلة دراسية، لازلت أحتفظ ببعض تلك الوريقات، مزخرفة وملونة، وبخط أنيق لمدرس التربية الفنية الأستاذ حسن السيد محمد شاهين، كتب في دفتري كلمات جميلة. أما في هذا الزمن فإن ما يحصده الصغار من اهتمامات يفوق الوصف، طفولة تكتب المستقبل المبهر والمشرق، وتشعرك بذكاء الخطاب الإنساني، بخيال الحياة المتسع والمدرك للتأملات في هذه الحياة الساطعة بالأمل. صغار اليوم يظهرون مواهب وإبداعات مبتكرة لحياة مختلفة.
في الدورة الأخيرة لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، التقيت ببعض من الأطفال الصغار، في سن العاشرة تقريباً، ممن يحملون الأحلام الكبيرة، وبشغف الكبار يسترسلون في تجاربهم الحياتية، يقدمون إضاءات بمؤلفات بسيطة وجميلة. كما أن حضورهم في معرض يضج بالكبار أمر رائع ويجْسر العلاقة بينهم وبين الجمهور المثقف، لتلتفت إليهم الأنظار، ويشار اليهم بالشكل الذي يحلمون به.
هداية سعيد صالح، تصف نفسها بأنها أصغر مذيعة، وتصف كتيّبها بأنه يعكس معاناتها وسعادتها، وتجربتها الحياتية، تصف فيه ما حدث بينها وأقرانها من الصغار، فتاة تشق طريقها نحو الحضور، متطلعة إلى اثبات الذات،  ما تسعى إليه هداية هو حلم في إطار شغفها نحو الإعلام في مدارات متسعه من الحلم.
أحمد وسعيد الفلاسي تحدثا أيضاً عن كتيبهما المشترك، المعنون «رحلة أحمد وسعيد في الماضي القديم»، رحلة في أعماق البحر، والطواش وسمات الغوص من أجل اللؤلؤ، استسقيا القصص من جدهما، الذي كان يقص عليهما القصص، حتى أصبحت جزءاً من حياتهما المشوقة، ومن أحلامهما، حضور أحمد وسعيد كان ملفتاً للغاية ما يوحي بأن التصاقهما بالإرث الثقافي يسطر بنية حقيقية بالمعرفة، وبالقيم الثقافية الحضارية وعبقها التاريخي، وهذه تجربة جميلة تنبع من محبة الأبناء للأجداد والتمثل بموروثهم في انعكاساته الجميلة.
هل اكتملت قصة حياة عبيد الرميثي في بدئها الجميل الباحث عن حياة جميلة متفردة بالعلم والثقافة؟ هل إعادة هداية كتابة قصتها انطلاق نحو الآفاق الزمنية المشرقة؟ هل كتابة أحمد وسعيد عن الماضي تضيء المعرفة؟ لا شك أن الحياة لها روعتها، ولكل الأطفال خطوة تبدأ من فكرة، ربما تجسد حياة قادمة مثمرة.