بينما يكثر الحديث هذه الآونة عن «أزمة غذاء عالمية» تلوح في الأفق.. تترسّخ قناعتنا بأنّ استعداد الإمارات للمستقبل وتحدياته كان مدروساً وذكياً، وبأن لدينا قيادة قادرة على التخطيط والإنجاز ضمن خطط شاملة لها أبعادها طويلة الأمد، حيث لا مجال للمفاجآت، ولا سبيل لأي أزمات.
فمنذ ستينيات القرن الماضي، مثلت قضية الغذاء وأمنه المستقبلي القضيةَ المحورية في بلادنا، حيث اعتَبر المغفورُ له، الشيخ زايد «طيب الله ثراه»، الزراعةَ أساس الحضارات، وخاض التحدي، ونجح في التحوّل بالمواطن الإماراتي من «شخص قهرته الصحراء» إلى «إنسان يقهر الصحراء»، وغرس البذور الأولى لرؤى واستراتيجيات وخطط مؤسسية وطموحات كبرى، حلّقت لاحقاً بالإمارات عالياً على مؤشرات الأمن الغذائي.
فقد اتجهت بلادنا إلى «مأسسة» منظومة الغذاء، وأطلقت نظاماً وطنياً للزراعة المستدامة، وعيّنت أول وزيرة للأمن الغذائي في العالم، واعتمدت «استراتيجية وطنية» لهذا الغرض، واستحدثت مجلساً يتابع تنفيذها ويشرف على تنفيذ خططها وتوجهاتها، بما لها من أبعاد استراتيجية متعلقة بأمن المستقبل.
38 مبادرة رئيسة قصيرة وطويلة المدى تضمنتها الاستراتيجية، التي عملت من خلال 5 توجهات، وحددت عناصر سلة غذائنا الوطنية المتضمنة 18 نوعاً رئيساً، واعتمدت على أكثر الخطط والوسائل العلمية الحديثة تطوراً في تأسيس قواعد للإنتاج.
شكلت تلك المبادرات في مجملها، عماداً للأمن الغذائي الذاتي، وساعدت على تحقيق طموحاتنا في التغلب على كل صعوبات إنتاج ثروة خضراء في أرضنا، وقللت الاعتماد على الاستيراد، وزادت نسبة اكتفائنا الذاتي، عبر مشروعات غذائية رائدة، استخدمت أحدث الوسائل التقنية، الأمر الذي لبى حاجات السوق، وكفل ديمومة الإنتاج، ونوعيته، وزيادته، ووضع الدولة في مراتب متقدمة في الأمن الغذائي العالمي.
ربما لا يعرف كثيرون أن الإمارات حققت قفزة نوعية على مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وانتقلت من المركز 31 في 2018 إلى المركز 21 في 2019.
وربما لا يعرف بعضهم أيضاً خبراتنا في بناء المزارع العمودية والصوبات الزجاجية وزراعة الأطعمة العضوية والثمار فائقة المقاومة للملوحة في الصحراء، الأمر الذي جعلنا أكثر اكتفاء ذاتياً.
خلاصة القول: إن الإمارات تحوطت جيداً لأزمات الغذاء في المستقبل، وتهيأت لها بمواردها وإمكاناتها المادية والبشرية، من أجل موقع بين أفضل الدول في «مؤشر الأمن الغذائي العالمي» بحلول عام 2051.