المشاركات الكثيفة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، حضورياً وافتراضياً، تعكس المدى الذي وصلت إليه «العملية الثقافية الشاملة» التي راهنت عليها الإمارات في مشروعها الحضاري، وتأثيرها الإقليمي والعالمي.
فقد راهنت الإمارات على الثقافة مكوّناً أساسياً وجوهرياً لمشروعها التنموي، بمحتواه الإنساني والإبداعي، ورؤاه الشمولية التي تعتني بالفرد والمجتمع وجوداً وكرامةً وحقاً مشروعاً في الحياة، ما أتاح لها وضع القاعدة الأساسية لمجتمع المعرفة، حيث الإبداع صناعة وطنية والابتكار مشروع دولة.
وما وسطية الإمارات وتعايشها وتسامحها وسلامها وانفتاحها واتزان رؤيتها وعقلانيّتها السياسيّة إلا نتاج «عملية ثقافية شاملة» لم يعد أثرها مقصوراً على الداخل فحسب، بل امتدّ ليشمل الإطار الإقليمي والدولي، مدفوعاً بقدرته على الإبهار والتأثير، الأمر الذي تعكسه مشاركة أكثر من 800 عارض من نحو 46 دولة في فعاليات المعرض.
مع فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تسطر العاصمة صفحة جديدة في كتاب الحضارة الإنسانية، وتكشف عن أحد ملامح استراتيجيتها في التجسير الحضاري وصناعة الإبداع.
وفي حضور مثقفي العالم، تحوّل أبوظبي تحدّيات النشر إلى فعل ثقافي مباشر يضمن استمرار زخم منصات الطباعة والنشر، ويتيح فرصاً حقيقية لمشروعات ثقافية متعاضدة ومؤهلة للتأثير في الوعي الاجتماعي والتنمية الجديدة في زمن «كورونا».
وفي ظل تداعيات الجائحة على العالم.. تقول العاصمة للدنيا بأكملها: إن التعافي سمة الشعوب الحية، بينما الحركة الثقافية القوية هي الأساس في استعادة الزخم، ولا بد لأيّ عملية نهوض من جوهر ثقافي يحملها إلى غاياتها وأهدافها.
ولقد استطاع «مركز أبوظبي للغة العربية» ببراعة وإصرار أن يسطر  فكر الإمارات في أكثر الصفحات تأثيراً، ويرسخ مكانة العاصمة المتميزة على الخريطة الثقافية الدولية، بتنظيمه الدورة الـ 30 لمعرض أبوظبي للكتاب في ظلّ ظروف استثنائية.
سنظلّ مؤمنين بأن الفعل الثقافي رافع أساسي للدول وسياساتها، ومعيار لقوّتها، وأحد مكنونات قوّتها، وأن المضمون الأساسي للثورة الصناعية الرابعة ثقافي بامتياز، ذلك أن الدول الراسخة أمناً واستقراراً ورخاء اقتصادياً، لا تسكنها العتمة.