لا حاجة لأن أقيم الدليل على الكفاءة العالية التي أدارت بها الإمارات الأزمة الوبائية، منذ أن داهمتنا الجائحة، فقلبت رأساً على عقب تضاريس الحياة، فالبراهين على رجاحة وحوكمة التدبير كثيرة، لا أستطيع إحصاءها، بل تختصرها، بكل أمانة ومصداقية علميتين، التصنيفات وآليات الرصد، وهي تضع الإمارات في صدارة دول العالم التي واجهت غلغلة الفيروس اللعين في حياة الناس، بحكمة بالغة وباستراتيجيات استباقية وببداهة كبيرة في محاصرة الموجات والتحورات، فقلصت بذلك المهالك والمخاطر.
جوهر تلك الحكمة التي أبرزتها القيادة النيرة، هي أن يكون الإنسان الإماراتي في صلب المواجهة الضارية لوباء قاتل ومرعب، لذلك سرني أكثر ما فاجأني أن يقرر اتحاد الكرة بتنسيق كامل مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، إقامة نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة بين شباب الأهلي والنصر، على استاد هزاع بن زايد بمدينة العين، بحضور جماهير تشغل 30 في المئة من سعة الملعب.
ولعل إقامة نهائي كأس غالية في عز المحنة، مع الوباء اللعين، بحضور جماهير، حتى وإن ملأت ثلث مدرجات الملعب، هو حدث مبهج، يجسد مظهراً من مظاهر النجاح المبهر الذي حققته الإمارات في ترويض الوباء، وفي الانتصار لقيم الحياة التي تهزم ظلام اليأس، بل إنه يمنحنا جرعة من الأمل في أن الإنسانية شارفت على نهاية النفق المظلم، وأن تباشير العودة للحياة الطبيعية بدأت تلوح في الأفق.
بالطبع فإن تزيين هذا النهائي الغالي بحضور جماهير تبعث فيه الحياة، يفرض تحويل الملعب إلى ما يشبه الفقاعة، ذلك أن من سيسمح لهم من الجماهير بحضور المباراة، سيشترط فيهم أن يكونوا قد حصلوا على التطعيم ضد «كوفيد- 19»، وأن يدلوا بمسحة سلبية قبل 48 ساعة من موعد المباراة، ولا أعتقد أن من يريد كسر الأغلال الوبائية، واستعادة متعة المشاهدة العينية والمباشرة من مدرجات الاحتفالية، تعجزه هذه الترتيبات الاحترازية والوقائية المسنونة من قبل الهيئة الساهرة ليل نهار على أمن وسلامة وصحة الإماراتيين.
بالقطع لن تكون الإمارات أول من فتح الملاعب في وجه الجماهير، فقد سبقتها لذلك دول أخرى استمعت لأنين الأندية وضجرها، مما يحدثه غياب الجماهير من خسائر مالية فادحة، إلا أن تلك الدول عادت سريعاً إلى إغلاق الملاعب، لأنها لم تكن بدرجة الحرص والصرامة في الالتزام بالتدابير الوقائية، التي سيكون عليها اتحاد الكرة ولجنة الطوارئ لإدارة الأزمات والكوارث عند فتح «ومضة» نور في «عتمة» الظلام، وهما يجعلان من نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة احتفالاً بكرة القدم وبالحياة.
كل الأمل أن ينعكس هذا البنفسج الجميل الذي سينبعث من ملعب هزاع بن زايد بالعين إيجاباً على شباب الأهلي والنصر، فيمنحان جماهير الإمارات المتعة التي تليق بنهائي تاريخي يهزم «كورونا» وينتصر لإرادة الحياة.